وأصحابه، فكانت الصدمة بهم، فلما فرغ محمد بن سليمان ممّن يليه وأسْفروا، نظروا إلى الذين يلون موسى بن عيسى، فإذا هم مجتمعون كأنهم كبّة غَزْل، والتفّت الميمنة والقلب عليهم، وانصرفوا نحو مكّة لا يدرون ما حال الحسين، فما شعروا وهم بذي طُوىً أو قريبًا منها إلا برجل من أهل خراسان، يقول: البشرى البشرى! هذا رأس حُسين، فأخرجه وبجبهته ضربة طولًا، وعلى قفاه ضربة أخرى، وكان الناس نادوا بالأمان حين فرغوا، فجاء الحسن بن محمد أبو الزّفت مغمِضًا إحدى عينيه، قد أصابها شيء في الحرب، فوقف خلف محمد والعباس، واستدار به موسى بن عيسى وعبد الله بن العباس. فأمر به فقتِل، فغضب محمد بن سليمان من ذلك غضبًا شديدًا. ودخل محمد بن سليمان مكة من طريق والعباس بن محمد من طريق، واحتُزَّت الرؤوس، فكانت مائة رأس ونيِّفًا، فيها رأس سليمان بن عبد الله بن حسن وذلك يوم التروية. وأخذت أخت الحسين، وكانت معه فصيرت عند زينب بنت سليمان، واختلطت المنهزمة بالحجاج، فذهبوا، وكان سليمان بن أبي جعفر شاكيًا فلم يحضر القتال، ووافى عيسى بن جعفر الحجّ تلك السنة، وكان مع أصحاب حسين رجلٌ أعمى يقصّ عليهم فقتِل، ولم يقتَل أحد منهم صبرًا.
قال الحسين بن محمد بن عبد الله: وأسر موسى بن عيسى أربعة نفر من أهل الكوفة، ومولى لبني عجْل وآخر.
قال محمد بن صالح: حدّثني محمد بن داود بن عليّ، قال: حدّثنا موسى بن عيسى، قال: قدمتُ معي بستّة أسارى فقال لي الهادي، هيه! تقتل أسيري! فقلت: يا أمير المؤمنين، إني فكرت فيه فقلت، تجيء عائشة وزينب إلى أمّ أمير المؤمنين، فتبكيان عندها وتكلّمانها، فتكلّم له أمير المؤمنين فيطلقه. ثم قال: هاتِ الأسرى، فقلت: إني جعلت لهم العهد والمواثيق بالطلاق والعَتاق، فقال: ائتني بهم وأمر باثنين فقتلا، وكان الثالث منكرًا، فقلت: يا أميرَ المؤمنين، هذا أعلم الناس بآل أبي طالب، فإن استبقيتَه دَلّك على كل بغية لك، فقال: نعم والله يا أميرَ المؤمنين، إني أرجو أن يكون بقائي صنعًا لك، فأطرق ثم قال: والله لإفلاتُك من يدي بعد أن وقعتَ في يدي لشديد، فلم يزل يكلمه حتى أمر به أن يؤخّر، وأمره أن يكتب له طلبته، وأمّا الآخر فصفح عنه، وأمر بقتل