فإِن كنتَ ترجو في العُقوبةِ رحمةً ... فلا تَزْهَدَنْ عندَ المُعافاة في الأَجر
قال: فأمر بإطلاقه.
وذكر عمر بن شبّة أن سعيد بن سلم كان عند موسى الهادي، فدخل عليه وفد الرّوم وعلى سعيد بن سلم قَلَنْسُوة - وكان قد صَلَع وهو حدَث - فقال له موسى: ضع قلنسُوتك حتى تتشايخ بصلعتك.
وذكر يحيى بن الحسن بن عبد الخالق أنّ أباه حدّثه، قال: خرجت إلى عيساباذ أريد الفَضْل بن الربيع، فلقيتُ موسى أمير المؤمنين وهو خليفة، وأنا لا أعرفه، فإذا هو في غُلالة على فرس، وبيده قناة لا يدرك أحدًا إلا طعنه، فقال لي: يا بن الفاعلة! قال: فرأيت إنسانًا كأنّه صم، وكنت رأيته بالشام، وكان فخِذاه كفخذيْ بعير، فضربت يدي إلى قائم السيف، فقال لي رجل: ويلك! أمير المؤمنين، فحرّكت دابتي - وكان شِهْريًّا حملني عليه الفضل بن الربيع، وكان اشتراه بأربعة آلاف درهم - فدخلت دار محمد بن القاسم صاحب
الحرس، فوقف على الباب، وبيده القناة، وقال: اخرج يا بن الفاعلة! فلم أخرج، ومرّ فمضى. قلت للفضل: فإني رأيتُ أمير المؤمنين، وكان من القصّة كذا وكذا، فقال: لا أرى لك وجهًا إلا ببغداد، إذا جئتُ أصلِّي الجمعة فالقَنِي، قال: فما دخلت عيساباذ حتى هلك الهادي.
وذكر الهيثم بن عروة الأنصاريّ أن الحسين بن معاذ بن مسلم - وكان رضيع موسى الهادي - قال: لقد رأيتُني أخلو مع موسى، فلا أجد له هيبةً في قلبي عند الخلوة، لما كان يبسطني. وربّما صارعني فأصرعه غير هائب له، وأضرب به الأرض، فإذا تلبّس لبسة الخلافة ثم جلس مجلس الأمر والنهي قمتُ على رأسه، فوالله ما أملِكُ نفسي من الرِّعدة والهَيبْة له.
وذكر يحيى بن الحسن بن عبد الخالق أنّ محمد بن سعيد بن عمر بن مِهْرَان، حدّثه عن أبيه، عن جدّه، قال: كانت المرتبة لإبراهيم بن سلْم بن قتيبة عند الهادي، فمات ابنٌ لإبراهيم يقال له سلم، فأتاه موسى الهادي يعزِّيه عنه على حمار أشهب، لا يُمنع مُقبلٌ ولا يُردّ عنه مُسَلِّم، حتى نزل في رِواقه، فقال له: يا إبراهيم، سَرّك وهو عدوّ وفتنة، وحَزَنك وهو صلاة ورحمة. فقال: يا أميرَ