للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها خرج عبد السلام بآمِد، فحكّم، فقتله يحيى بن سعيد العُقَيْليّ.

وفيها مات يعقوب بن داود بالرّقَّة.

وفيها غضب الرشيد على عبد الملك بن صالح وحبسه.

* ذكر الخبر عن سبب غضبه عليه وما أوجب حبسه:

ذكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل أنّ عبد الملك بن صالح كان له ابن يقال له عبد الرحمن، كان من رجال الناس، وكان عبد الملك يكنى به؛ وكان لابنه عبد الرحمن لسان، على فأفأة فيه، فنصب لأبيه عبد الملك وقُمامة، فسعيا به إلى الرشيد، وقالا له: إنه يطلب الخلافة ويطمع فيها، فأخذه وحبسه عند الفضل بن الربيع؛ فذُكر أن عبد الملك بن صالح أدخل على الرشيد حين سخط عليه، فقال له الرّشيد: أكفرًا بالنعمة، وجحودًا لجليل المنّة والتكرمة! فقال: يا أميرَ المؤمنين، لقد بؤتُ إذًا بالندم، وتعرّضت لاستحلال النِّقم؛ وما ذاك إلا بغيُ حاسد نافسني فيك مودّة القرابة وتقديم الولاية. إنّك يا أمير المؤمنين خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمَّته، وأمينُه على عِترته، لك فيها فرض الطاعة وأداء النصيحة، ولها عليك العدْل في حكمها والتثبّت في حادثها، والغفران لذنوبها. فقال له الرشيد: أتَضع لي من لسائك، وترفع لي من جنانك! هذا كاتبك قُمامة يخبر بغلّك، وفساد نيتك، فاسمع كلامه. فقال عبد الملك: أعطاك ما ليس في عقده؛ ولعله لا يقدر أن يعضهني ولا يبهتني بما لم يعرفه مني. وأحضِر قُمامة، فقال له الرشيد: تكلَّم غير هائب ولا خائف، قال: أقول: إنه عازم على الغدْر بك والخلاف عليك، فقال عبد الملك: أهو كذاك يا قمامة! قال قمامة: نعم، لقد أردتَ ختْل أمير المؤمنين، فقال عبد الملك: كيف لا يكذِب عليّ من خلفي وهو يبهتني في وجهي! فقال له الرّشيد: وهذا ابنك عبد الرحمن يخبرني بعتوّك وفساد نيَّتك، ولو أردتُ أن أحتجّ عليك بحجة لم أجد أعدل من هذين لك، فبم تدفعهما عنك؟ فقال عبد الملك بن صالح: هو مأمور، أو عاقّ مجبور؛ فإن كان مأمورًا فمعذور، وإن كان عاقًّا ففاجر كفور؛ أخبر الله عزَّ وجلَّ بعداوته، وحذّر

<<  <  ج: ص:  >  >>