للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فسارت الخريطة وبين مَرْو وذلك الموضع نحو من خمسين ومائتي فرسخ، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد، ووردت عليهم يوم الأحد (١).

قال ذو الرياستين: كنا قد وجّهنا هَرْثمة، واحتشدنا في السلاح مددًا، وسار في ذلك اليوم، وشيّعه المأمون فقلت للمأمون: لا تبرح، حتى يسلَّم عليك بالخلافة فقد وجبت لك، ولا نأمن أن يقال: يصلح بين الأخوين، فإذا سلَّم عليك بالخلافة لم يمكن أن ترجع. فتقدمت أنا وهرثمة والحسن بن سهل، فسلمنا عليه بالخلافة، وتبادر شيعة المأمون، فرجعت وأنا كالّ تَعِب لم أنمْ ثلاثة أيام في جهاز هرثمة، فقال لي الخادم: هذا عبد الرحمن بن مدرك - وكان يلي البريد، ونحن نتوقع الخريطة لنا أو علينا - فدخل وسكت، قلت: ويلك! ما وراءك؟ قال: الفتح، فإذا كتاب طاهر إليّ: أطال الله بقاءك، وكبت أعداءك، وجعل مَنْ يشنؤك فداءك، كتبت إليك ورأس عليّ بن عيسى بين يديّ، وخاتمه في أصبعي، والحمد لله رب العالمين. فوثبت إلى دار أمير المؤمنين، فلحقني الغلام بالسوّاد، فدخلت على المأمون فبشرّته، وقرأت عليه الكتاب، فأمر بإحضار أهل بيته والقوّاد ووجوه الناس، فدخلوا فسلّموا عليه بالخلافة، ثم ورد


(١) ذكر الجهشياري بعض ما ذكره الطبري في هذين الخبرين (٣٨ و ٣٩) فقال: ولما قتل طاهر بن الحسين عليّ بن عيسى، دعا بكاتبه ليكتب إلى الفضل بن سهل يخبره، فلم يكن في الكاتب فضل، لإفراط الجزع، وشدَّة الزمَع بما شاهد، فكتب طاهر إلى الفضل بيده، وكانت عادته أن يخاطبه بالإمرة، فأسقط ذلك وكتب: أطال الله بقاءك، وكبت أعداءك، وجعل من يشنؤك فداءك، كتبت إليك ورأس عليّ بن عيسى بين يدي، وخاتمه في أصبعي، وعسكره تحت يدي، والحمد لله رب العالمين. فلما وصل الكتاب إلى الفضل أنكره، حتى وقف عدت ما تضمن، فقال: حُقّ له، ونهض فدخل على المأمون، فسلم عليه بأمير المؤمنين.
وقيل: إن الخريطة سارت، وبين الموضع وبين مرو نحو من مئتين وخمسين فرسخًا، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد، فوردت يوم الأحد. [الوزراء والكتاب/ ٢٩٤].
والأخباريون والمؤرخون المتقدمون كالطبري والجهشياري وخليفة على أنه نودي بالخليفة (أي المأمون) منذ سنة ١٩٥ هـ وخاصة بعد هزيمة عليّ بن عيسى وقال خليفة: وفيها (أي ١٩٥ هـ) دعي للمأمون بالخلافة بخراسان (تأريخ خليفة/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>