للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرجو أن يُوليك الله شرفَ هذا الفتح، ويلمّ بك شعث هذه الخلافة والدولة. فقلت: أنا لطاعة أمير المؤمنين - أعزه الله - وطاعتك مقدِم، ولكلّ ما أدخل الوَهن والذّل على عدوّه وعدوّك حريص، غير أن المحارب لا يَعمل بالغرور، ولا يفتتح أمره بالتقصير والخلل، وإنما مِلاك المحارب الجنود، وملاك الجنود المال، وقد ملأ أمير المؤمنين أعزه الله أيدي مَنْ شهد العسكر من جنوده، وتابع لهم الأرزاق الدارَة والصِّلات والفوائد الجزيلة، فإن سرتُ بأصحابي وقلوبهم متطلعة إلى مَنْ خلفهم من إخوانهم لم أنتفع بهم في لقاء مَنْ أمامي، وقد فضل أهل السِّلم على أهل الحرب، وجاز بأهل الدّعَة منازل أهل النَّصب والمشقة، والذي أسأل أن يؤمرَ لأصحابي برزق سنة، ويحمل معهم أرزاق سنة، ويخصّ مَن لا خاصّة له منهم من أهل الغناء والبلاء، وأبدِل مَن فيهم من الزَّمْنى والضّعفاء، وأحمل ألف رجل ممّن معي على الخيل، ولا أُسأل عن محاسبَة ما افتتحت من المدن والكور. فقال: قد اشتططتَ، ولا بدّ من مناظرة أمير المؤمنين. ثم ركب وركبت معه، فدخل قبلي على محمد، وأذن لي فدخلتُ، فما كان بيني وبينه إلا كلمتان حتى غضِب وأمر بحبسي (١).


(١) هذا الخبر الطويل (٤١٨ - ٤١٩ - ٤٢٠) الذي يتحدث عن حوار دار بين الفضل بن الربيع وأسد بن يزيد ذكره الطبري بلا إسناد (ذكر) بالبناء للمجهول وقد ذكره الجهشياري كذلك دون إسناد ولكن مختصرًا كثيرًا عمّا ها هنا:
قال الجهشياري في كتابه الوزراء والكتاب:
ثم أمر محمد الفضل بعد قتل عليّ بن عيسى بتجهيز عبد الرحمن الأَبْناوي، فجهزه وشخَص، وكان من أمره وقتله ما كان.
ثم دعا الفضل بن الربيع بأسد بن يزيد بن مزيد، قال: فدخلت عليه وهو في صحن داره، وهو يقول: ينام نوم الظَّرِبان، وينتبه انتباه الذئب، هُمُّه بطنه، لا ينكر زوال نعمه، ولا يُرَوّى في إمضاء رأي، قد شغله كأسه ولهوه عن مصلحته، والأيام تُوضِع في هلاكه. ثم أقبل عليّ، فقال لي: إنما نحن وأنت يا أبا الحارث شِعب منْ أصل، إن قوي قوينا، وإن ضعف ضعفنا، وإن هذا الرجل قد ألقى بيده إلقاء الأمَة الوكْعاء، يشاور النساء، ويخلد إلى الرؤيا، وهو يتوقع الظفر، ويتمنى عُقَب الأيام، والحتف أسرع إليه من السيل إلى قِيعان الرمل، وقد خشيت والله أن نهلك لهلاكه، ونعطب بعطبه، وقد فزعت إليك في لقاء هذا الرجل لأمرين، أحدهما: صدق طاعتك، وفضل نصيحتك، والثاني: يمن نقيبتك، وشدة بأسك، والاقتصاد رأس النصيحة. فاشتط عليه أسدٌ فيما التمسه من الأموال، =

<<  <  ج: ص:  >  >>