قال الجهشياري في كتابه الوزراء والكتاب: ثم أمر محمد الفضل بعد قتل عليّ بن عيسى بتجهيز عبد الرحمن الأَبْناوي، فجهزه وشخَص، وكان من أمره وقتله ما كان. ثم دعا الفضل بن الربيع بأسد بن يزيد بن مزيد، قال: فدخلت عليه وهو في صحن داره، وهو يقول: ينام نوم الظَّرِبان، وينتبه انتباه الذئب، هُمُّه بطنه، لا ينكر زوال نعمه، ولا يُرَوّى في إمضاء رأي، قد شغله كأسه ولهوه عن مصلحته، والأيام تُوضِع في هلاكه. ثم أقبل عليّ، فقال لي: إنما نحن وأنت يا أبا الحارث شِعب منْ أصل، إن قوي قوينا، وإن ضعف ضعفنا، وإن هذا الرجل قد ألقى بيده إلقاء الأمَة الوكْعاء، يشاور النساء، ويخلد إلى الرؤيا، وهو يتوقع الظفر، ويتمنى عُقَب الأيام، والحتف أسرع إليه من السيل إلى قِيعان الرمل، وقد خشيت والله أن نهلك لهلاكه، ونعطب بعطبه، وقد فزعت إليك في لقاء هذا الرجل لأمرين، أحدهما: صدق طاعتك، وفضل نصيحتك، والثاني: يمن نقيبتك، وشدة بأسك، والاقتصاد رأس النصيحة. فاشتط عليه أسدٌ فيما التمسه من الأموال، =