درهم. قال: فلما سمع ذكر العشرة آلاف درهم، قلت: تحبسني عندك حتى تصبح وتدفع إلي رسولًا حتى أرسله إلى وكيلي في منزلي في عسكر المهدي، فإن لم يأتك بالعشرة آلاف فاضرب عنقي. قال: قد أنصفت، فأمر بحملي، فحملت ردفا لبعض أصحابه، فمضى بي إلى دار صاحبه، دار أبي صالح الكاتب؛ فأدخلني الدار، وأمر غلمانه أن يحتفظوا بي، وتقدم إليهم، وأوعز وتفهم مني خبر محمد ووقوعه في الماء، ومضى إلى طاهر ليخبره خبره؛ فإذا هو إبراهيم البلخي. قال: فصيرني غلمانه في بيت من بيوت الدار فيه بوار ووسادتان أو ثلاث - وفي رواية حصر مدرَّجة - قال: فقعدت في البيت وصيروا فيه سراجًا، وتوثقوا من باب الدار، وقعدوا يتحدثون. قال: فلما ذهب من الليل ساعة؛ إذا نحن بحركة الخيل فدقوا الباب؟ ، ففتح لهم، فدخلوا وهم يقولون:(يسر زبيدة) قال: فأدخل علي رجل عريان عليه سراويل وعمامة متلثم بها، وعلى كتفيه خرقة خلقة، فصيروه معي، وتقدموا إلى من في الدار في حفظه، وخلفوا معهم قومًا آخرين أيضًا منهم.
قال: فلما استقر في البيت حسر العمامة على وجهه؛ فإذا هو محمد، فاستعبرت واسترجعت فيما بيني وبين نفسي، قال: وجعل ينظر إلي، ثم قال: أيهم أنت؟ قال: قلت: أنا مولاك يا سيدي، قال: وأي الموالي؟ قلت: أحمد بن سلام صاحب المظالم، فقال: وأعرفك بغير هذا، كنت تأتيني بالرقة؟ قال: قلت: نعم، قال: كنت تأتيني وتلطفني كثيرًا، لست مولاي بل أنت أخي ومني. ثم قال: يا أحمد، قلت: لبيك يا سيدي، قال: ادن مني وضمني إليك، فإني أجد وحشة شديدة. قال: فضممته إليَّ، فإذا قلبه يخفق خفقا شديدًا كاد أن يفرج عن صدره فيخرج. قال: فلم أزل أضمه إلي وأسكنه. قال: ثم قال: يا أحمد، ما فعل أخي؟ قال: قلت: هو حي، قال: قبح الله صاحب بريدهم ما أكذبه! كان يقول: قد مات، شبه المعتذر من محاربته، قال: قلت: بل قبح الله وزراءك! قال: لا تقل لوزرائي إلا خيرًا، فما لهم ذنب؛ ولست بأول من طلب أمرًا فلم يقدر عليه. قال: ثم قال: يا أحمد، ما تراهم يصنعون بي؟ أتراهم يقتلون أو يفون لي بأيمانهم؟ قال: قلت: بل يفون لك يا سيدي. قال: وجعل يضم على نفسه الخرقة التي على كتفيه، ويضمها ويمسكها بعضده يمنة ويسرة. قال: فنزعت مبطنة كانت علي ثم قلت: يا سيدي، ألق هذه عليك. قال: ويحكَ دعني، هذا من الله عز وجل لي في هذا الموضع خير.