للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال فبينا نحن كذلك، إذ دق باب الدار، ففتح، فدخل علينا رجل عليه سلاحه، فتطلع في وجهه مستثبتًا له، فلما أثبته معرفة، انصرف وغلق الباب؛ وإذا هو محمد بن حميد الطاهري، قال: فعلمت أن الرجل مقتول قال: وكان بقي علي من صلاتي الوتر، فخفت أن أقتل معه ولم أوتر، قال فقمت أوتر، فقال لي: يا أحمد لا تتباعد مني، وصل إلى جانبي، أجد وحشة شديدة. قال: فاقتربت منه؛ فلما انتصف الليل أو قارب، سمعت حركة الخيل. ودق الباب، ففتح فدخل الدار قوم من العجم بأيديهم السيوف مسللة، فلما رآهم قام قائمًا، وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون! ذهبت والله نفسي في سبيل الله! أما من حيلة! أما من مغيث! أما من أحد من الأبناء قال: وجاءوا حتى قاموا على باب البيت الذي نحن فيه، فأحجموا عن الدخول، وجعل بعضهم يقول لبعض: تقدم، ويدفع بعضهم بعضًا. قال: فقمت فصرت خلف الحصر المدرجة في زاوية البيت، وقام محمد، فأخذ بيده وسادة وجعل يقول: ويحكم! إني ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنا ابن هارون؛ وأنا أخو المأمون، الله الله في دمي! قال: فدخل عليه رجل منهم يقال له خمارويه - غلام لقريش الدنداني مولى طاهر - فضربه بالسيف ضربة وقعت على مقدم رأسه؛ وضرب محمد وجهه بالوسادة التي كانت في يده، واتكأ عليه ليأخذ السيف من يده فصاح خمارويه: قتلني قتلني بالفارسية قال: فدخل منهم جماعة؛ فنخسه واحد منهم بالسيف في خاصرته، وركبوه فذبحوه ذبحًا من قفاه، وأخذوا رأسه فمضوا به إلى طاهر، وتركوا جثته. قال: ولما كان في وقت السحر جاءوا إلى جثته فأدرجوها في جل، وحملوها قال: فأصبحت فقيل لي: هات العشرة آلاف درهم وإلا ضربنا عنقك. قال: فبعثت إلى وكيلي فأتاني، فأمرته فأتاني بها، فدفعتها إليه. قال: وكان دخول محمد المدينة يوم الخميس وخرج إلى دجلة يوم الأحد.

وذكر عن أحمد بن سلام في هذه القصة أنه قال: قلت لمحمد لما دخل على البيت وسكن: لا جزى الله وزراءك خيرًا، فإنهم أوردوك هذا المورد! فقال لي: يا أخي؛ ليس بموضع عتاب. ثم قال: أخبرني عن المأمون أخي، أحيٌ هو؟ قلت: نعم؛ هذا القتال عمن إذًا هو إلا عنه! قال: فقال لي: أخبرني يحيى أخو عامر بن إسماعيل بن عامر - وكان يلي الخبر في عسكر هرتمة - أن المأمون مات،

<<  <  ج: ص:  >  >>