فجئتُ والصبْح قد نهضت له ... فَبئسَ واللهِ ما جَرَى فَرَسِي
فقال: خذهنّ لا بارك الله لك فيهنّ!
وذكر عن الموصليّ، عن حسين خادم الرّشيد، قال: لما صارت الخلافة إلى محمد هيئ له منزلٌ من منازله على الشطّ، بفرش أجود ما يكون من فرش الخلافة وأسواه، فقال: يا سيّدي؛ لم يكن لأبيك فرش يباهي به الملوك والوفود الذين يردون عليه أحسن من هذا؛ فأحببت أن أفرشه لك، قال: فأحببت أن يفرش لي في أوّل خلافتي المردراج، وقال: مزّقوه، قال: فرأيت والله الخدم والفراشين قد صيّرُوه ممزقًا وفرّقوه.
وذكر عن محمد بن الحسن، قال: حدثني أحمد بن محمد البرمكيّ أن إبراهيم بن المهديّ غنّى محمد بن زبيدة:
هَجَرْتُك حَتى قِيلَ لا يَعْرِفُ القِلى ... وزُرْتكِ حَتَّى قِيلَ لَيْسَ له صَبرُ
فطرب محمد، وقال: أوقروا زورقه ذهبًا.
وذُكر عن عليّ بن محمد بن إسماعيل، عن مخارق، قال: إني لعند محمد بن زُبيدة يومًا ماطرًا، وهو مصطبح، وأنا جالس بالقرب منه، وأنا أغنِّي وليس معه أحد، وعليه جبّة وَشْى، لا والله ما رأيت أحسن منها. فأقبلت أنظر إليها، فقال: كأنك استحسنتَها يا مخارق! قلت: نعم سيدي؛ عليك لأنّ وجهك حسن فيها، فأنا أنظر إليه وأعوّذك. قال: يا غلام، فأجابه الخادم، قال: فدعا بجُبّة غير تلك، فلبسها وخلع التي عليه عليّ، ومكثت هنيهة ثم نظرت إليه، فعاودني بمثل ذلك الكلام، وعاودته، فدعا بأخرى حتى فعل ذلك بثلاث جِباب ظاهرتُ بينها. قال: فلما رآها عليَّ ندم وتغيّر وجهه، وقال: يا غلام، اذهب إلى الطباخين فقل لهم: يطبخوا لنا مصليّة، ويجيدوا صنعتها، وأتني بها الساعة، فما هو إلا أن ذهب الغلام حتى جاء الخِوان، وهو لطيف صغير، في وسطه غضّارة ضَخْمة ورغيفان، فوضعت بين يديه، فكسر لقمة فأهوى بها إلى الصحيفةَ، ثم قال: كُلْ يا مخارق، قلت: يا سيّدي، أعفِني من الأكل، قال: لست أعفيك فكلْ، فكسرت لقمة، ثم تناولت شيئًا، فلما وضعته في فمي، قال: لعنك الله! ما أشرهك! نغّصتها عليّ وأفسدتَها، وأدخلت يدك فيها، ثم رفع الغضّارة بيده، فإذا هي في حجْري، وقال: قم لعنك الله! فقمت، وذاك