للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفشين أبا سعيد وبُوزبارة إلى ابن سنباط، وكتب إليه معهما، وأمرهما إذا صارا إلى بعض الطريق قدَّما كتابه إلى ابن سنباط مع علج من الأعلاج، وأمرهما ألَّا يخالفا ابن سنباط فيما يشيرُ به عليهما. ففعلا ذلك، فكتبَ إليهما ابن سنباط في المقام بموضع - قد سماه ووصفه لهما - إلى أن يأتيَهُما رسوله. فلم يزالا مقيمين بالموضع الذي وصفه لهما، ووجَّهَ إليهما ابن سنباط بالميرة والزاد؛ حتى تحركَ بابك للخروج إلى الصيد، فقال لهُ: ها هنا وادٍ طيب، وأنتَ مغموم في جوف هذا الحصن! فلو خرجنا ومعنا بازي وباشق وما يحتاجُ إليهِ فتتفرج إلى وقت الغداء بالصيد! فقال لهُ بابك: إذا شئت. فأنفذ ليركبا بالغداة، وكتب ابن سنباط إلى أبي سعيد وبوزبارة يعلمهما ما قد عزم عليه، ويأمرهما أن يوافياه، واحد من هذا الجانب من الجبل والآخر من الجانب الآخر في عسكرهما وأن يسيرا متكمنين مع صلاة الصبح؛ فإذا جاءهما رسوله أشرفا على الوادي، فانحدروا عليهِ إذا رأوهم وأخذوهم.

فلما ركب ابن سنباط وبابك بالغداة وجَّهَ سنباط رسولًا إلى أبي سعيد ورسولًا إلى بوزبارة، وقال لكل رسول: جئ بهذا إلى موضع كذا، وجئ بهذا إلى موضع كذا؛ فأشرفا علينا، فإذا رأيتمونا فقولوا: هم هؤلاء خذوهم؛ وأرادَ أن يشبّه على بابك؛ فيقول: هذا خيل جاءتنا فأخذتنا، ولم يحبّ أن يدفعهُ إليهما من منزله؛ فصار الرسولان إلى أبي سعيد وبوزبارة، فمضيا بهما حتى أشرفا على الوادي؛ فإذا هما ببابك وابن سنباط، فنظرا إليهِ وانحدرا وأصحابهما عليه؛ هذا من ها هنا، وهذا من ها هنا، وأخذاهما ومعهما البواشيق، وعلى بابك دُرَّاعة بيضاء وعمامة بيضاء، وخُف قصير. ويقال كان بيدهِ باشق؛ فلما نظر إلى العساكر قد أحدقت به وقف، فنظر إليهما، فقالا له: انزل، فقال: ومن أنتما؟ فقال أحدهما: أنا أبو سعيد، والآخر: أنا بوزبارة، فقال: نعم، وثنى رجله، فنزل، وكان ابنُ سنباط ينظرُ إليهِ؛ فرفعَ رأسهُ إلى ابن سنباط فشتمه، وقال: إنما بعتني لليهود بالشيء اليسير، لو أردت المالَ وطلبته لأعطيتكَ أكثر مما يعطيكَ هؤلاء، فقال له أبو سعيد: قم فاركب، قال: نعم فحملوه وجاءوا بهِ إلى الأفشين؛ فلما قرب من العسكر صعد الأفشين برزند، فضربت له خيمة على برزند، وأمر الناسَ فاصطفوا صفين، وجلس الأفشين في فازة، وجاءوا بهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>