أشناس فركب المعتصم صلاة الغداة يعوده؛ فجاء إلى مضربه فعاده؛ ولم يكن الأفشيْن لحقه بعد.
ثم خرج المعتصم منصرفًا، فتلقاه الأفشين في الطريق، فقال له المعتصم: تريد أبا جعفر. وكان عمرو الفرغانيّ وأحمد بن الخليل عند منصرف المعتصم من عيادة أشناس توجها إلى ناحية عسكر الأفشين لينظرا ما جاء به ابن الأقطع من السبي فيشتريا منه ما أعجبهما، فتوجها ناحية عسكر الأفشين ولقيهما الأفشين يريد أشناس - فترجلا، وسلما عليه، ونظر إليهما حاجب أشناس من بعد، فدخل الأفشين إلى أشناس، ثم انصرف، وتوجها إلى عسكر الأفشين، فلم يكن السَّبي أخرج بعد، فوقفا ناحية ينتظران أن ينادى على السَّبْي، فيشتريا منه، ودخل حاجب أشناس على أشناس، فقال: إن عمرًا الفرغانيّ وأحمد بن الخليل تلقّيا الأفشين، وهما يريدان عسكره، فترجّلا وسلما عليه، وتوجها إلى عسكره.
فدعا أشناس محمد بن سعيد السعديّ؛ فقال له: اذهب إلى عسكر الأفشين، فانظر هل ترى هناك عمرًا الفرغانيّ وأحمد بن الخليل! وانظر عند مَن نزلا، وأيّ شيء قصّتهما؟ فجاء محمد بن سعيد، فأصابهما واقفين على ظهور دوابّهما فقال: ما أوقفكما هاهنا؟ قالا: وقفنا ننتظر سَبْيَ ابن الأقطع يخرج، فنشتري بعضَه، فقال لهما محمد بن سعيد: وكّلَا وكيلًا يشتري لكما، فقالا: لا نحب أن نشتري إلا ما نراه، فرجع محمد، فأخبر أشناس بذلك، فقال لحاجبه: قل لهؤلاء الزموا عسكركم: فهو خير لكم - يعني عمرًا وابن الخليل - ولا تذهبوا هاهنا وهاهنا، فذهب الحاجب إليهما، فأعلمهما، فاغتمّا لذلك واتفقا على أن يذهبا إلى صاحب خبر العسكر، فيستعفياه من أشناس، فصارا إلى صاحب الخبر، فقالا: نحن عبيد أمير المؤمنين، يضمّنا إلى من شاء، فإنّ هذا الرجل يستخفّ بنا، قد شتمنا وتوعدنا، ونحن نخاف أن يقدم علينا، فليضمّنا أمير المؤمنين إلى من أحبّ.
فأنهى صاحب الخبر ذلك إلى المعتصم من يومه؛ واتفق الرّحيل صلاة الغداة؛ وكان إذا ارتحل الناس سارت العساكر على حيالها، وسار أشناس والأفشين وجميع القوَّاد في عسكر أمير المؤمنين، ووكّلوا خلفاءهم بالعساكر؛ فيسيرون بها. وكان الأفشين على الميسرة وأشناش على الميمنة، فلما ذهب