للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمنتم شيئًا؛ وهذا الرهينة فاقتلوه، فقال له عبد الكريم بن عبد الرحمن الكاتب: أصلحك الله! إنك أجلت من خرج من هذا البلد شهرين، وهذا الرهينة قبلك، نسألك أن تؤجله شهرين، فإن رجع أبوه وإلا أمضيت فيه رأيك.

قال: فغضب على القوم، ودعا بصاحب حرسه - وكان يقال له رستم بن بارويه - فأمره بصلب الغلام، وإن الغلام سأله أن يأذن له أن يصلِّي ركعتين، فأذن له، فطوّل في صلاته وهو يُرعَد، وقد مُدّ له جذع، فجذبوا الغلام من صلاته، ومدُّوه فوق الجِذْع، وشدوا حلقه معه حتى اختنق، وتوفِّي فوقه، وأمر سرخاستان أهل مدينة سارية أن يخرجوا إلى آمُل، وتقدّم إلى أصحاب المسالح في إحضار أهل الخنادق من الأبناء والعرب، فأحضروا ومضى مع أهل سارية إلى آمُل، وقال لهم؛ إنِّي أريد أن أشهدكم على أهل آمُل، وأشهد أهل آمُل عليكم، وأردّ ضياعكم وأموالكم؛ فإن لزمتم الطاعة والمناصحة زدناكم من عندنا ضعف ما كنا أخذنا منكم. فلما وافوْا آمُل جمعهم بقصر الخليل بن ونداسنجان، وصيّر أهل سارية ناحية عن غيرهم ووكّل بهم اللوزجان، وكتب أسماء جميع أهل آمُل حتى لم يخف منهم أحدٌ عليه، ثم عرضهم بعد ذلك على الأسماء حتى اجتمعوا؛ ولم يتخلّف منهم أحد، وأحدق الرجال في السلاح بهم، وصُفُّوا جميعًا، ووكّل بكل واحد منهم رجلين بالسلاح، وأمر الموكل بهم أن يحمل رأس كل من كاع عن المشي، وساقهم مكتفين حتى وافى بهم جبلا يقال له هُرْمُزْ داباذ، على ثمانية فراسخ من آمُل وثمانية فراسخ من مدينة سارية، وكبَّلهم بالحديد، وحبسهم.

وبلغت عدتهم عشرين ألفًا، وذلك في سنة خمس وعشرين ومائتين فيما ذُكر عن محمد بن حفص.

فأما غيره من أهل الأخبار وجماعة ممن أدرك ذلك فإنهم قالوا: كان ذلك في ستة أربع وعشرين ومائتين، وهذا القول عندي أولى بالصواب، وذلك أن مقتل مازيار كان في سنة خمس وعشرين ومائتين وكان فعله ما فعل بأهل طبرستان قبل ذلك بسنة (١).


(١) لعل هذه من نوادر الطبري رحمه الله في تأريخه إذ لطالما عوّدنا أن يقف بأعصاب باردة أمام =

<<  <  ج: ص:  >  >>