للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجع الحديث إلى الخبر عن قصة مازيار وفعله بأهل آمُل على ما ذكر عن محمد بن حفص، قال: وكتب إلى الدُّري ليفعل ذلك بوجوه العرب والأبناء ممن كان معه بمرو، وكبّلهم بالحديد، وحبسهم، ووكل بهم الرجال في حبْسهم، فلما تمكن المازيار، واستوى له أمره وأمْر القوم، جمع أصحابه، وأمر سرخاستان بتخريب سُور مدينة آمُل، فخرَّبه بالطبول والمزامير، ثم سار إلى مدينة سارية؛ ففعل بها مثل ذلك.

ثم وجّه مازيار أخاه فوهِيَار إلى مدينة طَمِيس - وهي على حدّ جرجان من عمل طبرستان - فخرّب سورها ومدينتها، وأباح أهلها، فهرب منهم مَنْ هرب، وبُلي مَنْ بُلِيَ، ثم توجّه بعد ذلك إلى طميس سرخاستان؛ وانصرف عنها قُوهِيار، فلحق بأخيه المازيار، فعمل سرخاستان سورًا من طميس إلى البحر، ومده في البحر مقدار ثلاثة أميال. وكانت الأكاسرة بنته بينها وبين الترك؛ لأن الترك كانت تُغير على أهل طبرستان في أيامها، ونزل معسكرًا بطميس سرخاستان وصير حولها خندقًا وثيقًا وأبراجًا للحرس، وصير عليها بابًا وثيقًا، ووكّل به الرجال الثقات؛ ففزع أهل جرجان، وخافوا على أموالهم ومدينتهم؛ فهرب منها نفر إلى نيسابور، وانتهى الخبر إلى عبد الله بن طاهر وإلى المعتصم، فوجّه إليه عبد الله بن طاهر عمَّه الحسن بن الحسين بن مُصعب، وضمّ إليه جيشًا كثيفًا يحفظ جُرجان، وأمره أن يعسكر على الخندق، فنزل الحسن بن الحسين


= الأسانيد والمتون إلّا مرة واحدة عند حديثه عن تأريخ فتح المسلمين لميناء الأبلة جنوب أرض السواد فرجّح رواية على أخرى وهو هاهنا يرجح رواية جماعة من أهل الأخبار وجماعة من شهود العيان على رواية محمد بن حفص الطبري فيقول عن رواية الأولين وهذا القول عندي أولى بالصواب وهذا الخبر الطويل الذي استغرق الصفحات (٨٠ - ١٠٠) عن المعارك التي خاضها مازيار الخارج على جيوش الخلافة انفرد الطبري من بين المؤرخين المتقدمين الثقات بذكر تفاصيله - وقد جمعه من مصادر عدة فهو تارة يروي أجزاء منه عن محمد بن حفص الطبري وتارة عن زرارة بن يوسف السجزي (شاهد عيان) وتارة عن إسحاق (شاهد عيان كذلك) وأخرى عن علي بن ربّن النصراني الكاتب، أو عمر بن سعيد الطبري، ولكنه صاغ هذه المقاطع مع بعضها متداخلة في خبر طويل وفيه من النكارات - أحيانًا ما فيه - فهو يذكر رجلًا لم يشرب الماء منذ عشرين سنة (٩/ ٨٦) وهذا مخالف لطباع البشر كما جبلوا عليه - والله أعلم بالصواب وقد ذكر ابن كثير هذا الخبر مختصرًا جدًّا [البداية والنهاية ٨/ ١٧٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>