معسكرًا على الخندق الذي عمله سرخاستان، وصار بين العسكرين عرض الخندق، ووجَّه أيضًا عبد الله بن طاهر حيَّان بن جبلة في أربعة آلاف إلى قُومِس معسكرًا على حدّ جبال شروين، ووجّه المعتصم من قبله محمد بن إبراهيم بن مصعب أخا إسحاق بن إبراهيم في جمع كثيف، وضمَّ إليه الحسن بن قارن الطبري القائد ومَنْ كان بالباب من الطبرية، ووجه منصور بن الحسن هار صاحب دُنْباوند إلى مدينة الرّيّ ليدخل طبرستان من ناحية الرّيّ، ووجّه أبا الساج إلى اللارز ودنباوند، فلما أحدقت الخيل بالمازيار من كل جانب بعث عند ذلك إبراهيم بن مهران صاحب شرطته وعلي بن ربن الكاتب النصراني، ومعهما خليفة صاحب الحرس إلى أهل المدن المحتبسين عنده؛ أن الخيل قد زحفت إليَّ من كل جانب، وإنما حبستكم ليبعث إلي هذا الرجل فيكم - يعني المعتصم - فلم يفعل، وقد بلغني أن الحجّاج بن يوسف غضب على صاحب السند، في امرأة أسرت من المسلمين وأدخلت إلى بلاد السند حتى غزا السند، وأنفق بيوت الأموال حتى استنقذ المرأة وردّها إلى مدينتها، وهذا الرجل لا يكترث بعشرين ألفًا، ولا يبعث إلي يسأل فيكم؛ وإني لا أقدم على حربه، وأنتم ورائي، فأدّوا إليّ خراج سنتين، وأخلّي سبيلكم، ومن كان منكم شابًا قويًّا قدمته للقتال؛ فمن وفى لي منكم رددت عليه ماله، ومن لم يوف أكون قد أخذت ديته، ومن كان شيخًا أو ضعيفًا صيّرتُه من الحفظة والبوابين.
فقال رجل يقال له موسى بن هرمز الزاهد - كان يقال إنه لم يشرب الماء منذ عشرين سنة - أنا أؤدي إليك خراج سنتين، وأقوم به، فقال خليفة صاحب الحرس لأحمد بن الصُّقَيْر: لِمَ لا تتكلم، وقد كنتَ أحظى القوم عند الأصبهبذ؛ وقد كنت أراك تتغذى معه، وتتكى على وسادته! وهذا شيء لم يفعله الملك بأحد غيرك؛ فأنت أولى بالقيام بهذا الأمر من موسى، قال أحمد: إنّ موسى لا يقدر على القيام بجباية درهم واحد، وإنما أجابكم بجهل وبما هو عليه وعلى الناس أجمع؛ ولو علم صاحبكم أن عندنا درهمًا واحدًا لم يحبسنا، وإنما حبسنا بعد ما استنظف كلّ ما عندنا من الأموال والذخائر، فإن أراد الضياع بهذا المال أعطيناه. فقال له عليّ بن ربن الكاتب: الضياع للملك لا لكم، فقال إبراهيم بن مهران: أسألك بالله يا أبا محمد، لما سكتَّ عن هذا الكلام! فقال له أحمد: لم