للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٩ - فلما اشتدّ البلاء على النَّاس بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حدثّنا ابن حميد، قال: حدَّثنا سلمة، قال: حدّثني محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة. وعن محمّد بن مسلم بن شهاب الزهريّ - إلى عُيَينة بن حصن، وإلى الحارث بن عَوْف بن أبي حارثة المرّيّ - وهما قائدا غَطَفَان - فأعطاهما ثلْث ثمار المدينة؛ على أن يرجِعَا بمَنْ معهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فجرى بينه وبينهم الصلح؛ حتى كتبوا الكتاب، ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلَّا المراوضة في ذلك، ففَعَلا، فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل، بعث إلى سعد بن مُعاذ وسعد بن عبادة؛ فذكر ذلك لهما، واستشارهما فيه فقالا: يا رسول الله؟ أمرق تحبُّه فنصنعه، أم شيءٌ أمرك الله عزّ وجلّ به؛ لابُدَّ لنا من العمل به، أم شيءٌ تصنعه لنا؟ قال: بل شيء أصنعه لكم؟ والله ما أصْنَعُ ذلك إلَّا أني رأيت العرب قد رَمَتْكم عن قوس واحدة، وكالبُوكم من كلِّ جانب، فأردت أن أكسِرَ عنكم شوكتَهم لأمرٍ ما ساعة. فقال له سعْد بن معاذ: يا رسولَ الله؛ قد كُنَّا نحنُ وهؤلاء


= عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "لما كان حين أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ فيها المعاول، فاشتكينا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءنا فأخذ المعول فقال: (بسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال: الله أكبر: أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع الثلث الآخر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض، ثم ضرب الثالثة، وقال: بسم الله فقطع بقية الحجر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة).
والحديث ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٦/ ١٣١) وقال: رواه أحمد وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات وحسّن الحافظ إسناده (الفتح ٧/ ٣٩٧) وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو رواه الطبراني ولفظه:
(أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخندق فخندق على المدينة، فقالوا: يا رسول الله؟ إنا وجدنا صفاةً لا نستطيع حفرها، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقمنا معه، فلما أتى أخذ المعول، فضرب به ضربة وكبر فسمعت هدَّة لم أسمع مثلها قط، فقال: "فتحت فارس" ثم ضرب أخرى وكبّر فسمعت هدَّة لم أسمع مثلها قط فقال: "فتحت الروم" ثم ضرب أخرى وكبر فسمعت هدَّة لم أسمع مثلها قط فقال: "جاء الله بحِمْيَرَ أعوانًا وأنصارًا".
وقال الهيثمي في المجمع (٦/ ١٣١): رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما حيي بن عبد الله وثقه ابن معين وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>