أحمد بن يحيى أن يلحقه، فلمَّا خرج وضعت المائدة بين يدي المتوكل، وجعل يأكلها ويلقم وهو سكران.
وذُكر عن ابن الحفصيِّ أنَّ المنتصر لمَّا خرج إلى حُجْرته أخذ بيد زرافة، فقال له: امض معي، فقال: يا سيِّدي؛ إن أمير المؤمنين لم يقُم، فقال: إن أمير المؤمنين قد أخذه النبيذ، والساعة يخرج بُغا والندماء، وقد أحببت أن تجعل أمر ولدك إليَّ، فإن أوتامش سألني أن أزوِّج ابنَه من ابنتك، وابنَك من ابنته، فقال له زُرافة: نحن عبيدك يا سيدي، فمرنا بأمرك. وأخذ المنتصر بيده وانصرف به معه. قال: وكان زُرافة قد قال لي قبل ذلك: ارفق بنفسك، فإنَّ أمير المؤمنين سكران والساعة يُفيق، وقد دعاني تمرة، وسألني أن أسألك أن تصير إليه فنصير جميعا إلى حجرته. قال: فقلت له: أنا أتقدَّمك إليه، قال: ومضى زرافة مع المنتصر إلى حجرته.
فذكر بُنان غلام أحمد بن يحيى أنَّ المنتصر قال له: قد أملكتُ ابن زرافة من ابنة أوتامش وابن أوتامش من ابنة زرافة؟ قال بُنان: فقلت للمنتصر: يا سيدي، فأين النَّثار فهو يُحسن الإملاك؟ فقال: غدًا إن شاء الله، فإنَّ الليل قد مضى. قال: وانصرف زرافة إلى حجرة تمرة، فلما دخل دعا بالطعام فأتي به، فما أكل إلا أيسر ذلك حتى سمعنا الضَّجة والصراخ؛ فقمنا؛ فقال بنان: فما هو إلَّا أن خرج زرافة من منزل تمرة، إذا بُغا استقبل المنتصر، فقال المنتصر: ما هذه الضجة؟ قال: خير يا أمير المؤمنين قال: ما تقول، ويلك! قال أعظم الله أجرك في سيدنا أمير المؤمنين! كان عبدًا لله دعاه فأجابه، قال: فجلس المنتصر؛ وأمر بباب البيت الذي قُتل فيه المتوكل والمجلس، فأغلق وأغلقت الأبواب كلها، وبعث إلى وصيف يأمره بإحضار المعتز والمؤيد عن رسالة المتوكل.
وذكر عن عَثْعَث أنَّ المتوكل دعا بالمائدة بعد قيام المنتصر وخروجه ومعه زُرافة، وكان بُغا الصغير المعروف بالشرابيِّ قائمًا عند الستر؛ وذلك اليوم كان نوبة بُغا الكبير في الدار؛ وكان خليفته في الدار ابنه موسى - وموسى هذا هو ابن خالة المتوكل، وبُغا الكبير يومئذٍ بسُميساط - فدخل بُغا الصغير إلى المجلس، فأمر الندماء بالانصراف إلى حُجرهم، فقال له الفتح: ليس هذا وقت انصرافهم، وأمير المؤمنين لم يرتفع، فقال له بغا: إن أمير المؤمنين أمرني إذا