معه ثلاثة عشر ألف رجل، وقال آخرون: كان معه ثلاثة عشر ألف لجام، وقال المقلِّلون: ما بين الخمسة آلاف إلى العشرة آلاف؛ فقالوا له: إنما كنت تصطنعنا لهذا اليوم، فأمُر بأمرك، وأذن لنا نَمِلْ على القوم ميلة؛ نقتل المنتصر ومَنْ معه من الأتراك وغيرهم، فأبى ذلك، وقال: ليس في هذا حِيلة، والرجل في أيديهم - يعني المعتزَّ.
وذُكر عن عليِّ بن يحيى المنجِّم أنه قال: كنت أقرأ على المتوكل قبل قتله بأيام كتابًا من كتب الملاحِم، فوقف على موضع من الكتاب فيه: إن الخليفة العاشر يُقتَل في مجلسه، فتوقَّفت عن قراءته وقطعتُه، فقال لي: مالك قد وقفت! قلت: خير، قال: لابدَّ والله من أن تقرأه فقرأته وحدْتُ عن ذكر الخلفاء؛ فقال المتوكل: ليت شعري مَنْ هذا الشَّقيُّ المقتول!
وذُكر عن سلمة بن سعيد النصرانيِّ أنَّ المتوكل رأى أشُوط بن حمزة الأرمنيَّ قبل قتله بأيام، فتأفَّف برؤيته، وأمر بإخراجه، فقيل له: يا أمير المؤمنين؛ أليس قد كنت تحبُّ خدمته؟ قال: بلى، ولكِّني رأيت في المنام منذ ليال كأني قد ركبته، فالتفت إليَّ وقد صار رأسه مثل رأس البغل، فقال لي: إلى كم تؤذينا! إنما بقي من أجلك تمام خمسة عشر سنة غير أيام. قال: فكان بعدد أيام خلافته.
وذكر عن ابن أبي ربعيِّ أنه قال: رأيتُ في منامي كأنَّ رجلًا دخل من باب الرَّسْتَن على عجلة ووجهه إلى الصحراء وقفاه إلى المدينة، وهو ينشد:
يا عَينُ ويلكِ فاهملي ... بالدمعِ سحَّا واسبلي
دَلَّتْ على قرْبِ القيا ... مةِ قِتلُةُ المتوكل
وذكِر أن حُبشيَّ بن أبي ربعيّ مات قبل قَتْل المتوكل بسنتين.
وذكر عن محمد بن سعيد، قال: قال أبو الوارث قاضي نَصيِبين:
رأيت في النوم آتيًا أتاني، وهويقول:
يا نائمَ العينِ في جُثمْانِ يقظانِ ... ما بالُ عينِكَ لا تبكي بتَهتانِ!
أَما رأَيتَ صُرُوفَ الدهرِ ما فَعَلَتْ ... بالهاشميِّ وبالفتح بن خاقان!
وسوفَ يَتبعُهُمْ قَومٌ لهم غَدَروا ... حتى يصيروا كأمسِ الذاهبِ الفاني
فأتى البريد بعد أيام بقتلهما جميعًا.