الدّواوين والشيعة ووجوه الحرس، ومحمد بن عبد الله بن طاهر، ووصيف وبُغا الكبير وبُغا الصغير، وجميع مَنْ حضر دار الخاصّة والعامة، ثم انصرف الناس بعد ذلك.
والنسخة التي كتباها:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إنّ أمير المؤمنين المتوكل على الله رضي الله عنه قلّدني هذا الأمر، وبايع لى وأنا صغير من غير إرادتي ومحبّتي؛ فلما فهمت أمري علمت أني لا أقوم بما قلّدني ولا أصلح لخلافة المسلمين، فمن كانت بَيْعِتي في عنقه فهو مِنْ نقضِها في حلّ، وقد أحللتُكم منها، وأبرأتكم من أيمانكم؛ ولا عهد لي في رقابكم ولا عقْد، وأنتم بُرآء من ذلك.
وكان الذي قرأ الرقاع أحمد بن الخصيب، ثم قام كلُّ واحد منهما قائمًا، فقال لمن حضر: هذه رقعتي وهذا قولي؛ فاشهدوا عليّ، وقد أبرأتكم من أيْمانكم، وحللتكُم منها، فقال لهما المنتصر عند ذلك: قد خار الله لكما وللمسلمين، وقام فدخل، وكان قد قعد للناس، وأقعدهما بالقرب منه، فكتب كتابًا إلى العمال بخلعهما وذلك في صفر سنة ثمان وأربعين ومئتين.
* * *
نسخة كتاب المنتصر بالله إلى أبي العباس محمد بن عبد الله بن طاهر مولى أمير المؤمنين في خلع أبي عبد الله المعتزّ وإبراهيم المؤيد:
من عبد الله محمد الإمام المنتصر بالله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله مولى أمير المؤمنين؛ أما بعد؛ فإن الله - وله الحمد على آلائه، والشكر بجميل بلائه - جعل ولاة الأمر من خُلَفائه القائمين بما بعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم - والذّابين عن دينه، والدّاعين إلى حقه والممضِين لأحكامه، وجعل ما اختصّهم به من كرامته قِوامًا لعباده، وصلاحًا لبلاده، ورحمة غمر بها خلقه، وافترض طاعَتهم، ووصلها بطاعته وطاعة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأوجبها في محكم تنزيله؛ لما جمع فيها من سكون الدَّهماء، واتّساق الأهواء، ولمّ الشعث، وأمْن السبُل، ووقم العدّو، وحفظ الحريم، وسدّ الثغور، وانتظام الأمور، فقال: {أَطِيعُوا اللَّهَ