عسكرهم وما كان فيه من المتاع والأهل والأثقال والمضارب والحُرْثيّ، فكلّ من أفلت منهم من السيف رمى بنفسه في دِجْلة ليعبرَ إلى عسكر أبي أحمد؛ فأخذه أصحاب الشبّارات، وكانت الشبّارات قد سحنت بالمقاتلة - فقُتِلوا وأسِروا وجُعل القتلى والرؤوس من الأتراك والمغاربة وغيرهم في الزّواريق، فنصبت بعضها في الجسرين؛ وعلى باب محمد بن عبد الله؛ فأمر محمد بن عبد الله لمن أبلى في هذا اليوم بالأسورة، فسُوِّر قوم كثير من الجند وغيرهم، فطُلب المنهزمة، فبلغ بعضهم أوانًا، وبلغ بعضهم ناحية عسكر أبي أحمد عَبْرَ دجلة، وبعضهم نفذ إلى سامُرَّا.
وذُكر أن عسكر الأتراك يوم هُزِموا بباب القطيعة كانوا أربعة آلاف، فقتِل منهم يوم الوقعة هنالك ألفان؛ وكان وُضع فيهم بالسيف من باب القَطيعة إلى القُفْص، فقتَلوا مَنْ قتلوا، وغرِّق مَنْ غُرِّق، وأسِر منهم جماعة، فخلَع محمد بن عبد الله على بُندار أربع خلع مُلحم، ووشْي وسواد وخزّ، وطوّقه طوقًا من ذهب، وخلع على أبي السنا أربع خِلَع، وعلى خالد بن عمران وجميع القوّاد، كلّ رجل أربع خِلع، وكان انصرافهم من الوقعة مع المغرب، وسُخرت البغال، وأخِذ لها الجواليق لتحمل فيها الرؤوس إلى بغداد.
وكان كلُّ مَنْ وافى دار محمد برأس تركيّ أو مغربيّ أعطوْه خمسين درهمًا وكان أكثر ذلك العمل للمبيّضة والعيّارين، ثم وافى عيَّار وبغداد قُطْربُّلَ، فانتهبوا ما تركه الأتراك من متاع أهل قُطْربُّل وأبواب دورهم؛ فوجّه محمد في آخر هذا اليوم أخاه أبا أحمد عبيد الله بن عبد الله والمظفّر بن سيسَل في أثر المنهزمين حِياطة لأهل بغداد؛ لأنه لم يأمن رجعتهم عليه فبلغا القُفْص، وانصرفا سالمين، وزعجا مَنْ أقام من الرجّالة والعيارين بناحية قُطْربل، وأشير على محمد بن عبد الله أن يتبعهم بعسكر في اليوم الثاني وفي تلك الليلة، ليوغل في آثارهم، فأبى ذلك ولم يتبع مولِّيًا، ولم يأمر أن يُجهز على جريح، وقبِل أمان من استأمن، وأمر سعيد بن حُميد فكتب كتابًا يذكر فيه هذه الوقعة؛ فقرئ على أهل بغداد في مسجد جامعها، نسخته: