يأمره بالمسير إليه، ويعده وأصحابه ما يحبّ ويحبّون، فقرأ الكتاب مزاحم على أصحابه؛ فأجابه الأتراك والفراغنة والمغاربة، وأبى الشاكرية ذلك، فمضى فيمن أطاعه منهم وهم زُهاء أربعمئة إنسان، وقد كان أبو نوح تقدّمه إلى سامُرّا، فأشار بالكتاب إليه، وكان مزاحم ينتظر أمر الحسين بن إسماعيل؛ فلما انهزم الحسين مضى إلى سامُرّا، وقد كان المستعين وجّه إلى مزاحم عند فتح الكوفة عشرة آلاف دينار وخمس خلَع وسيفًا، ونفذ الرسول إليه وألفى الجند الذين كانوا معه في الطريق؛ فردّوا جميع ذلك معهم، وصاروا إلى باب محمد بن عبد الله، وأعلموه ما فعل مزاحم. وكان في الجند والشاكريّة خليفة الحسين بن يزيد الحرانيّ وهشام بن أبي دلف والحارث خليفة أبي الساج، فأمر ابن طاهر أن يخلع عن كلّ واحد منهم ثلاث خلَع.
وذكر أن هذا العلويّ كان قد ظهر بنينَوى في آخر جمادى الآخرة من هذه السنة؛ فاجتمع إليه جماعة من الأعراب، وفيهم قومٌ ممن كان خرج مع يحيى بن عمر في سنة خمسين ومئتين، وقد كان قدم إلى تلك الناحية هشام بن أبي دلف، فواقعهم العلويّ في جماعة نحو من خمسين رجلًا، فهزمه وقتل عِدّة من أصحابه، وأسر عشرين رجلًا وغلامًا، وهرب العلَويُّ إلى الكوفة؛ فاختفى بها، ثم ظهر بعد ذلك، وحمِل الأسرى والرؤوس إلى بغداد، فعرف خمسة نفر ممن كان مع أصحاب أبي الحسين يحيى بن عمر؛ فأطلقوا، وأمر محمد بن عبد الله أن يضرب كلّ واحد ممن أطلق وعاد خمسمئة سوط، فضرِبوا في آخر يوم من جمادى الآخرة.
وذُكر أن كتب أبي الساج لمّا وردت بما كان من إيقاعه ببايكباك، وذلك لاثنتي عشرة بقيَتْ من رجب من هذه السنة، وجّه إليه بعشرة آلاف دينار معونة له، وبخلعة فيها خمسة أثواب وسيف.
* * *
وفيها كانت وقعة - فيما ذكر - بين منكجور بن خيدر وبين جماعة من الأتراك بباب المدائن هزمهم فيها مَنْكَجور، وقتل منهم جماعة.