للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخنادق؛ يُخرَج بهم إليه أرْسَالًا؛ وفيهم عدوّ الله حُيَيُّ بن أخطب، وكعب بن أسد؛ رأس القوم، وهم ستمئة أو سبعمئة؛ المكَثِّرُ لهم يقول: كانوا من الثمانمئة إلى التسعمئة. وقد قالوا لكعب بن أسد - وهم يُذهَب بهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسَالًا -: يا كعب، ما ترى ما يصنع بنا! فقال كعب: في كلّ موطن لا تعقلون: ألا تروْن الداعي لا ينزع، وأنَّه من ذهِبَ به منكم لا يرجع، هو والله القتل! فلم يزل ذلك الدّأبُ حتى فرغ منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وَأتِيَ بِحُيَيّ بن أخطب عدوّ الله وعليه حلَّة لَه فقّاحِيّة قد شقَّقها عليه من كلّ ناحية كموضع الأنملة، أنملة أنملة لئلا يُسْلبَها، مجموعة يداه إلى عنقه بحبل، فلمّا نظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: أما والله ما لمْتُ نفسي في عداوتك؛ ولكنه من يَخْذُلِ الله يُخْذل.

ثم أقبل على الناس، فقال: أيها الناس، إنَّه لا بأس بأمر الله، كتاب الله وقَدَرُه، وملحمةٌ قد كتبت علي بني إسرائيل، ثم جلس فضُربت عنقه، فقال جبل بن جَوّال الثعلبي:

لعَمْرُك مَا لامَ ابْنُ أَخْطَبَ نَفْسَهُ ... ولكنه مَنْ يَخْذُل اللهَ يُخْذَلِ

لَجَاهَدَ حتَّى أَبْلَغَ النَّفْس عُذْرَهَا ... وقَلْقَلَ يَبْغِي العِزَّ كلَّ مُقَلْقَلِ (١)

(٢: ٥٨٨/ ٥٨٩).

١٦٠ - حدَّثنا ابنُ حُميد، قال: حدَّثنا سلمة، قال: حدّثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: لم يقتل من نسائهم إلَّا امرأة واحدة قالت: والله إنها لعندي تحدَّثُ معي، وتضحك ظهرًا وبطنًا، ورسولُ الله يقتلُ رجالهم بالسوق؛ إذ هتف هاتفٌ باسمها: أين فُلانة؟ قالت: أنا والله. قالت: قلت: ويلك مالك! قالت: أقتَل! قلت: ولمَ؟ قالت: حَدَثٌ أحدثتُه. قالت: فانطُلِقَ بها فضُربت عنقُها. فكانت


(١) ذكر الطبري هذه الرواية عن ابن إسحاق بلا إسناد. وأخرج الطبراني حديثًا وفيه: (فأخرجوا رسلًا رسلًا فضربت أعناقهم وأخرج حيي بن أخطب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل أخزاك الله قال: قد ظهرت عليّ وما ألوم نفسي فيك، فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرج إلى أحجار الزيت التي بالسوق فضربت عنقه ... إلى آخر الحديث).
وقال الهيثمي: رواه الطبراني مرسلًا وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف (مجمع الزوئد ٦/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>