السلام، ووقعت الحرب في تلك الأيام، شدّ محمد بن أوس على رجل من المراوزة، كان من الشيعة، فضربه في دار سليمان ثلثمئة سوط ضربًا مبرِّحًا، وحبسه بباب الشأم؛ وكان هذا الرّجلُ من خاصة الحسين بن إسماعيل؛ فلمّا حدث هذا الحادث احتيج إلى الحُسين بن إسماعيل، لفضل جَلَدِه وإقدامه فنُحِّىَ من كان ببابه موكّلًا فظهر، فتراجع أصحابُه من غير أمر؛ وقد كانوا فُرّقوا على القوَّاد وضُمّ منهم جمع كبير إلى محمد بن أبي عون القائد؛ فذُكِر أن المضمومين إلى ابن أبي عون لما صاروا إلى بابه، فرّق فيهم من مالهم؛ للرّاجل عشرة دراهم، وللفارس دينارًا؛ فلما رجعوا إلى الحسين رفع ابن أبي عون بذكر ذلك؛ فلم يخرج في ذلك تعيين ولا أمر؛ فلم يزل الحال على هذا والجند والشاكريّة يصيحون في طلب مال البيعة وما بقيَ لهم من مال الطمع المتقدّم، وقد ردّ أمرهم في تَقسيط مالهم، وقبضهم إلى الحسين على ما كان الأمر عليه أيام عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، وكان الحسين لا يزال يلقي إليهم ما عليه محمد بن أوس ومَنْ قدم مع سليمان من القَصْد لأخذ أموالهم والفوز بها دونهم؛ حتى امتلأت قلوبهم، فلمّا كان يومُ الجمعة لثلاث عشرة خلتْ من شهر رمضان، اجتمع جماعة من الجند والشاكريّة، ومعهم جماعة من العامة حتى صاروا إلى سجن باب الشأم ليلًا، فكسروا بابه، وأطلقوا في تلك الليلة أكثرَ مَنْ كان فيه، ولم يبقَ فيه من أصحاب الجرائم أحدٌ إلا الضعيف والمريض والمثقَل؛ فكان ممن خرج في تلك الليلة نفرٌ من أهل بيت مساور بن عبد الحميد الشاري، وخرج معهم المروزيّ مضروب محمد بن أوس وجماعة ممن قد لزم السلطانَ إلى أن صاروا إلى قبْضته زُهاء خمسين ألفًا، وأصبح الناس في يوم الجمعة وباب الحبس مفتوح؛ فمَنْ قدر أن يمشيَ مشى، ومَنْ لم يقدر اكترى له ما يركبه؛ وما يمنع من ذلك مانع، ولا يدفع دافع؛ فكان ذلك من أقوى الأمور التي بعثت الخاصّة والعامة على دفع الهيْبة بينهم وبين سليمان بن عبد الله وسُدّ باب السجن بباب الشآم بآجرٍّ وطين؛ ولم يعلم أنه كان لإبراهيم بن إسحاق في هذه الليلة ولا لأحد من أصحابه حركة أصلًا؛ فتحدّث الناس أن الذي جُنِيَ على سجن باب الشأم بمكان المروزيّ الذي ضربه ابن أوس فيه حتى يخلص، ثم لم يمض بعد ذلك خمسة أيام، حتى نافر ابن أوس الحسينَ بن إسماعيل في أمر مال النائبة أراده محمد بن أوس لأصحابه ومنعه الحسين، وتجاريا في ذلك كلامًا غلظ بينهما،