سليمان وهي في السوق وتفرّق أصحابُه في القرية، فأتوْه برجل وجدُوه، فسأله عن وكلاء الهاشميّين، فأخبره أنهم في الأجمة، فوجّه الملقب بجُرْبان، فأتاه برئيسهم وهو يحيى بن يحيى المعروف بالزبيريّ أحد موالي الزياديّين، فسأله عن المال، فقال: لا مال عندي، فأمر بضرب عنقه، فلما خاف القتل أقرّ بشيء قد كان أخفاه، فوجّه معه، فأتاه بمئتي دينار وخمسين دينارًا وألف درهم؛ فكان هذا أول ما صار إليه، ثم سأله عن دوابّ وُكلاء الهاشميّين فدله على ثلاثة براذين: كُميت وأشقر، وأشهب؛ فدفع أحدها إلى ابن سلْم، والآخر إلى يحيى بن محمد، وأعطى مُشرقًا غلام يحيى بن عبد الرحمن الثالث (١).
وكان رفيق يركب بغلًا كان يحمل عليه الثَّقَل، ووجد بعض السودان دارًا لبعض بني هاشم فيها سلاح، فانتهبوه، فجاء النوبيّ الصغير بسيف، فأخذه صاحب الزَّنج، فدفعه إلى يحيى بن محمد، فصار في أيدي الزَّنج سيوفٌ وبالات وزقايات وتِراس، وبات ليلته تلك بالسَّيب؛ فلما أصبح أتاه الخبر: أن رُميسًا والحميريّ وعَقيلًا الأبُليّ قد وافوا السِّيب، فوجّه يحيى بن محمد في خمسمئة رجل، فيهم سليمان وريحان بن صالح وأبو صالح النوبيّ الصغير، فلقوا القوم فهزموهم، وأخذوا سُمَيريّة وسلاحًا، وهرب مَنْ كان هنالك ورجع يحيى بن محمد فأخبره الخبر، فأقام يومه، وسار من غد يريد المذَار، بعد أن اتخذ على أهل الجعفرية ألا يقاتلوه، ولا يعينوا عليه أحدًا، ولا يستُروا عنه، فلما عبر السّيب صار إلى قرية تعرف بقرية اليهود شارعة على دِجْلة، فوافق هنالك رُمَيْسًا في جَمْع، فلم يزل يقاتلهم يومه ذلك، وأسرَ من أصحابه عِدّة، وعقر منهم جماعة بالنُّشاب، وقتِل غلام لمحمد بن أبي عون كان مع رُمَيْس، وغرقت سميْرية كان فيها ملّاحهُا، فأخِذ وضربت عنقه، وسار من ذلك الموضع يريد المذَار، فلمّا صار إلى النهر المعروف بباب مداد جاوزه حتى أصحر، فرأى بُستانًا، وتلًّا يعرف بجبل الشياطين، فقصد للتلّ فقعد عليه، وأثبت أصحابه في الصحراء، وجعل لنفسه طليعة.
فذُكر عن شبل أنه قال: أنا كنت طليعته على دِجْلة، فأرسلت إليه أخبره أن