وبايكباك ومحمد بن بغا: وجّهوا إليهم معي رسلًا يعتذرون إليهم مما بلغهم عنكم، فوجّه كل واحد منهم رجلًا، وصار أبو القاسم إليهم وهم في مواضعهم، وقد صاروا زهاء ألف فارس وثلاثة آلاف راجل؛ وذلك في وقت الظهر من يوم الخميس لخمس ليال خلوْن من صفر من هذه السنة، فأقرأهم من أمير المؤمنين السلام، وقال لهم: إن أمير المؤمنين، قد أجابكم إلى كلّ ما سألتم، فادعوا الله لأمير المؤمنين، ثم دفع كتابهم إلى كاتبهم، فقرأه عليهم بما فيه من التوقيعات؛ ثم قرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين؛ فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم؛ أرشدكم الله وحاطكم، وأمتع بكم، وأصلح أموركم وأمور المسلمين بكم؛ وعلى أيديكم. فهمتُ كتابكم، وقرأته على رؤسائكم، فذكروا مثل الذي ذكرتم، وسألوا مثل الذي سألتم، وقد أجبتكم إلى جميع ما سألتم محبّةً لصلاحكم وألفتكم واجتماع كلمتكم، وقد أمرت بتقرير أرزاقكم، وأن تصير دارَّة عليكم، فليست لكم حاجة إلى حركة، فطيبُوا نفسًا، والسلام. أرشدكم الله وحاطكم وأمتع بكم، وأصلح أموركم وأمور المسلمين بكم، وعلى أيديكم!
فلما فرغ القارئ من الكتاب، قال لهم أبو القاسم: وهؤلاء رسل رؤسائكم يعتذرون إليكم من شيء إن كان بلغكم عنهم، وهم يقولون: إنما أنتم إخوة؛ وأنتم منّا وإلينا.
وتكلم الرسل بمثل ذلك، فتكلّموا أيضًا كلامًا كثيرًا، ثم كتبوا كتابًا يعتذرون فيه بمثل العذر الأوّل إلى أمير المؤمنين، وذكروا فيه خصالًا مما ذكروه في الكتاب الذي قبله، ووصفوا أنه لا يقنعهم إلا أن ينفذ إليهم خمس توقيعات، توقيعًا بحط الزيادات، وتوقيعًا بردّ الإقطاعات، وتوقيعًا بإخراج الموالي البوابين من الخاصّة إلى عداد البرانيّين، وتوقيعًا بردّ الرسوم إلى ما كانت عليه أيام المستعين، وتوقيعًا بردّ التلاجئ حتى يدفعوها إلى رجل يضمُّون إليه خمسين رجلًا من أهل الدور، وخمسين رجلًا من أهل سامُرّا ينتجزون من الدواوين، ثم يصير أمير المؤمنين الجيش إلى أحد إخوته أو غيرهم، ممن يرى ليسفر بينه