* ذكر الخبر عن السبب الذي من أجله تهيأ للزنج دخول واسط، وذكر الخبر عن الأحداث الجليلة في سنة أربع وستين ومئتين (١).
ذكر: أن الجُبّائيّ يحيى بن خلف لمّا شخص سليمان بن جامع من معسكره بعد الوقعة التي أوقعها بتكين إلى صاحب الزَّنج؛ خرج في السُّمَيريّات بالعسكر الذي خلّفه سليمان معه إلى ما زروان لطلب المِيرة، ومعه جماعة من السودان، فاعترضه أصحاب جُعْلان، فأخذوا سفنًا كانتْ معه، وهزموه، فرجع مفلولًا حتى وافَى طهيثا، ووافتْه كتب أهل القرية، يخبرونه أنّ منجور مولى أمير المؤمنين ومحمد بن عليّ بن حبيب اليشكريّ لما اتّصل بهما خبر غيبة سليمان بن جامع عن طَهيثا؛ اجتمعا وجمعا أصحابهما، وقصدا القرية، فقتلا فيها وأحرقا وانصرفا، وجلا من أفلت ممن كان فيها، فصاروا إلى القرية المعروفة بالحجّاجية، فأقاموا بها، فكتب الجُبّائيّ إلى سليمان بخبر ما وردت به كُتب أهل القرية، مع ما ناله من أصحاب جُعْلان، فأنهض قائد الزّنج سليمان إلى طهيثا معجّلًا، فوافاها، فأظهر أنه يقصد لقتال جُعْلان، وعبّأ جيشه، وقدّم الجبائيّ أمامه في السميريّات، وجعل معه خيلًا ورجلًا، وأمره بموافاة مازروان والوقوف بإزاء عسكرُ جْعلان، وأنْ يظهر الخيل ويرعاها بحيث يراها أصحاب جُعلان، ولا يُوقع بهم، وركب هو في جيشه أجمع إلا نفرا يسيرًا خلّفهم في عسكره، ومضى في الأهواز حتى خرج على الهورَيْن المعروفين بالربَّة والعمرقة، ثم مضى نحو محمد بن عليّ بن حبيب، وهو يومئذ بموضع يقال له تلّفخَّار، فوافاه فأوقع به وقعةً غليظة، قتل فيها قتلى كثيرة، وأخذ خيلًا كثيرة وحاز غنائم جزيلة، وقتل أخًا لمحمد بن عليّ، وأفلت محمد، ورجع سليمان، فلما صار في صحراء بين البزّاق والقرية وافته خيل لبني شيبان، وقد كان فيمن أصاب سليمان بتلّفخّار سيد من سادات بني شيبان، فقتله وأسر ابنًا له صغيرًا، وأخذ حِجْرًا كانت تحته، فانتهى خبره إلى عشيرته، فعارضوا سليمان بهذه الصحراء في أربعمئة فارس، وقد كان سليمان وجّه إلى عُمير بن عمار خليفته بالطفّ حين توجّه إلى ابن حبيب، فصار إليه، فجعله دليلًا لعلمه بتلك الطريق، فلمَّا رأى
(١) انظر المنتظم (١٢/ ١٩١) فقد ذكر هذه الأحداث مختصرًا جدًّا.