الموفّق، وقد كان الخبيثُ أخرجَ في هذا اليوم جميع شَذَواته إلى دجْلة محاربين فيها رشيقًا، وضرب منها رشيق على عدّة شَذَوات، وغرّق منها وحرّق، وانهزم الباقون إلى نهر أبي الخصيب.
وذُكر: أنه نزل في هذا اليوم بالفاسق وأصحابه ما دعاهم إلى التفرّق والهرب على وجوههم نحو نهر الأمير والقَندل وإبرسان وعبّادان وسائر القرى، وهرب يومئذ أخوا سليمان بن موسى الشعرانيّ: محمد وعيسى، فمضيا يؤمّان البادية، حتى انتهى إليهما رجوع أصحاب الموفق، فرجعا، وهرب جماعة من العرب الذين كانوا في عسكر الفاسق، وصاروا إلى البصرة، وبعثوا يطلبون الأمان من أبي أحمد، فآمنهم، ووجّه إليهم السفن، فحملهم إلى الموفقيّة، وأمر أن يخلَع عليهم، ويوصلوا ويجرَى عليهم الأرزاق والأنزال، ففعل ذلك بهم.
وكان فيمن رغب في الأمان من جلّة قوّاد الفاجر ريحان بن صالح المغربيّ، وكانت له رياسة وقيادة، وكان يتولّى حجبة ابن الخبيث المعروف بأنكلاي، فكتب ريحان يطلب الأمان لنفسه ولجماعة من أصحابه، فأجيب إلى ذلك، وأنفِذ إليه عدد كثير من الشذا والسميريّات والمعابر مع زيرك القائد صاحب مقدّمة أبي العباس، فسلك النهر المعروف باليهوديّ، حتى وافى الموضع المعروف بالمطَّوعة، فألفى به ريحان ومن معه من أصحابه، وقد كان الموعد تقدم في موافاة ذلك الموضع زيرك ريحان ومن معه، فوافى بهم دار الموفق، فأمر لريحان بخلع، وحمل على عدّة من أفراس بَالتها، وأجيز بجائزة سنية، وخلع على أصحابه، وأجيزوا على أقدارهم، وضُمّ إلى أبي العباس، وأمِر بحمله وحمل أصحابه والمصير بهم إلى إزاء دار الخبيث، فوقفوا هنالك في الشَّذَا، فعرفوا خروج ريحان وأصحابه في الأمان، وما صاروا إليه من الإحسان، فاستأمن في ساعتهم تلك من أصحاب ريحان الذين كانوا تخلّفوا وغيرهم جماعة، فألحِقوا في البرّ والإحسان بأصحابهم، وكان خروج ريحان بعد الوقعة التي كانت يوم الأربعاء في يوم الأحد لليلة بقيت من ذي الحجة سنة سبع وستين ومئتين.
* * *
وفي هذه السنة أقبل أحمد بن عبد الله الخُجُستانيّ يريد العراق بزعمه؛ حتى