الدار وإحراقها وما يليها، وتفرّقوا في طلب النهب، وكُلّ ما بقي للفاسق وأصحابه مجموعًا في تلك الدار.
وتقدم أبو أحمد في الشّذا قاصدًا للنهر المعروف بالسفيانيّ، ومعه لؤلؤ في أصحابه الفرسان والرجالة، فانقطع عن باقي الجيش، فظنُّوا أنه قد انصرف، فانصرفوا إلى سفنهم بما حَووْا، وانتهى الموفّق فيمن معه إلى معسكر الفاسق وأصحابه وهم منهزمون، فاتبعهم لؤلؤ وأصحابُه حتى عبروا النهر المعروف بالسفيانيّ، فاقتحم لؤلؤ النهر بفرسه، وعَبَر أصحابه خَلْفه، ومضى الفاسق حتى انتهى إلى النهر المعروف بالقريريّ، فوصل إليه لؤلؤ وأصحابُه، فأوقعوا به وبمَنْ معه، فكشفوهم، فولَّوْا هاربين وهم يتبعونهم، حتى عَبَرُوا النهر المعروف بالقريريّ، وعبر لؤلؤ وأصحابه خلفهم وألجؤوهم إلى النهر المعروف بالمساوان، فعبروه واعتصموا بجبل وراءه.
وكان لؤلؤ وأصحابه الذين انفردوا بهذا الفعل دون سائر الجيش، فانتهى بهم الجدّ في طلب الفاسق وأشياعه إلى هذا الموضع الذي وصفنا في آخر النهار، فأمره الموفّق بالانصراف محمود الفعل، فحمله الموفّق معه في الشَّذَا، وجدّد له من البرّ والكرامة ورفع المرتبة، لما كان منه في أمر الفسقة حسب ما كان مستحقًّا، ورجَع الموفّق في الشَّذَا في نهر أبي الخصيب وأصحاب لؤلؤ يسايرونه، فلما حاذى دار المهلبيّ، لم ير بها أحدًا من أصحابه، فعلم أنهم قد انصرفوا، فاشتدّ غيظه عليهم، وسار قاصدًا لقصره، وأمر لؤلؤ بالمضيّ بأصحابه إلى عسكره، وأيقن بالفتح لما رأى من أمارته، واستبشر الناس جميعًا بما هيأ الله من هزيمة الفاسق وأصحابه وإخراجهم عن مدينتهم، واستباحة كلّ ما كان لهم من مال وذخيرة وسلاح، واستنقاذ جميع من كان في أيديهم من الأسرى، وكان في نفس أبي أحمد على أصحابه من الغيظ لمخالفتهم أمره، وتركهم الوقوف حيث وقفهم، فأمر بجمع قوّاد مواليه وغلمانه ووجوههم؛ فجُمعوا له، فوبّخهم على ما كان منهم وعجّزهم، وأغلظ لهم، فاعتذروا بما توهّموا من انصرافه، وأنهم لم يعلموا بمسيره إلى الفاسق، وانتهائه إلى حيث انتهى من عسكره؛ وأنهم لو علموا ذلك لأسرعوا نحوه، ولم يبرحوا موضعهم حتى تحالفوا وتعاقدوا على ألّا ينصرف منهم أحد إذا توجهوا نحو الخبيث حتى