وقد ظهر حوالي سنة ٢٥٥ هـ وانتهى أمره سنة ٢٧٠ هـ - وهذه السنوات حافلة بأحداث ومعارك ومصائب بسبب هذه الحركة ويعتبر تأريخ الطبري مصدرًا هامًا من مصادر معلوماتنا عن هذه الحركة الضالة للأسباب التالية: ١ - انفرد الطبري بذكر جلّ التفاصيل ضمن وقائع وأحداث تلك الصولات والجولات من حين ظهورها إلى حين اختفائها. ٢ - ومما يضفي أهمية على هذه التفاصيل كذلك أن الطبري قد عاصر تلك الأحداث وإن لم يشارك في تلك المعارك وهو مؤرخ ثقة. ٣ - التقى الطبري أحيانًا ببعض الشهود وأخذ عنهم هذه التفاصيل. وعلى أية حالٍ فإن هذه التفاصيل لا تخلو من مبالغات وأوهام نقلها الطبري وأداها كما سمعها. إلّا أن المفاصل الرئيسة من هذه الأحداث والتي لا تخفى على العامة والخاصة فصحيحة كدخول الزنج البصرة سنة ست وخمسين والعبث فيها والإكثار من القتل والسلب والنهب وشراسة المعارك التي جرت بين الطرفين ثم بناء المتوكل لبلدة قريبة من أرض المعركة ثم إعداده العدة وقطعه لطرق المؤونة على صاحب الزنج المقيم في مدينته (المختارة) وصبر المتوكل وطول نفسه في حربه تلك حتى نصره الله في نهاية المطاف وانهزم صاحب الزنج مقبوحًا مرذولًا. وأما عن نسبه فقد قال ابن خلدون (العلامة المؤرخ) في تأريخه: (وقال الطبري وابن حزمٍ وغيره من المحققين: إنه من عبد القيس واسمه علي بن عبد الرحيم من قرية من قرى الري ورأى كثرة خروج الزيدية فحدثته نفسه بالتوثب فانتحل هذا النسب ويشهد لذلك أنه كان على رأي الأزارقة من الخوارج ولا يكون ذلك من أهل البيت) [تأريخ ابن خلدون/ ٣/ ٣٧٧]. وكان خروج صاحب الزنج آخر رمضان سنة خمس وخمسين وقتله أول صفر سنة سبعين لأربع عشرة سنة وأربعة أشهر من دولته كما قال ابن خلدون [٣/ ٤١٠]. وأصل الكلام عند الطبري [تأريخ الطبري ٩/ ٦٦٣] وانظر المنتظم [٢١/ ٢٣٥] والبداية والنهاية [٨/ ٢٤٣] ولعلّ من أهمّ أسباب خروجه اضطراب أمر الخلافة وضعف الخليفة =