للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه قول الرسول عليه السلام وقد رآه مقبلًا على حمارٍ ومعاوية يقوُد به ويزيد ابنه يسوق به: "لعن الله القائد والرّاكب والسائق". ومنه ما يرويه الرّواة من قوله: يا بني عبد مناف تلقّفوها تلقّف الكرة، فما هناك جنة ولا نار. وهذا كفر صُراح يلحقه به اللعنة من الله كما لحقت {الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} ومنه ما يروون من وقوفه على ثنيّة أحُد بعد ذَهَاب بصره، وقوله لقائده: هاهنا ذببْنا محمدًا وأصحابه، ومنه الرؤيا التي رآها النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجَم لها، فما رُئي ضاحكًا بعدها، فأنزل الله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ٦٠]؛ فذكروا أنَّه رأى نفرًا من بني أمية ينزون على منبره. ومنه طرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكم بن أبي العاص لحكايته إياه. وألحقه الله بدعوة رسوله آيةً باقية حين رآه يتخلّج، فقال له: "كن كما أنت"، فبقيَ على ذلك سائر عمره، إلى ما كان من مروان في افتتاحه أوّل فتنة كانت في الإِسلام، واحتقابه لكلّ دم حرام سُفِك فيها أو أريق بعدها.

ومنه ما أنزل الله على نبيه في سورة القدر: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} من مُلْك بني أمية. ومنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا بمعاوية ليكتب بأمره بين يديه، فدافع بأمره، واعتلّ بطعامه، فقال النبيّ: "لا أشبع اللهُ بطنه"، فبقى لا يشبع، ويقول: والله ما أترك الطعام شبعًا؛ ولكن إعياء. ومنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يطلع من هذا الفجّ رجلٌ من أمتي يُحشر على غير ملتي" فطلع معاوية. ومنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه". ومنه الحديث المرفوع المشهور أنَّه قال: "إن معاوية في تابوت من نار في أسفل دَرك منها ينادِي: يا حنّان يا منّان، الآن وقد عصيتُ قبلُ وكنتُ من المفسدين.

ومنه انبراؤه بالمحاربة لأفضل المسلمين في الإِسلام مكانًا وأقدمهم إليه سبقًا، وأحسنهم فيه أثرًا وذكرًا؛ عليّ بن أبي طالب، ينازعه حقه بباطله، ويجاهد أنصاره بضُلَّاله وغواته، ويحاول ما لم يزل هو وأبوه يحاولانه، من إطفاء نور الله وجحود دينه، ويأبى الله إلا أن يُتمّ نوره ولو كره المشركون، يستهوى أهلَ الغباوة، ويموّه على أهل الجهالة بمكرِه وبغيه، الذين قدّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر عنهُما، فقال لعمار: "تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار"، مؤثرًا للعاجلة، كافرًا بالآجلة، خارجًا من رِبْقة

<<  <  ج: ص:  >  >>