ومكن الله المستضعفين، وردَّ الله الحق إلى أهله المستحقين، كما قال جل شأنه:{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}[القصص: ٥].
واعلموا أيها الناس، أنّ الله عَزَّ وَجَلَّ إنما أمر ليُطاع، ومثّل ليتمثَّل، وحكم ليُقبَل، وألزم الأخذ بسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ليُتَّبع؛ وإن كثيرًا ممّن ضلّ فالتوى، وانتقل من أهل الجهالة والسَّفَاه ممنّ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله؛ وقد قال الله عَزَّ وَجَلَّ:{فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ}[التوبة: ١٢].
فانتهوا معاشر الناس عما يُسخط الله عليكم؛ وراجعوا ما يرضيه عنكم، وارضوْا من الله بما اختار لكم، والزموا ما أمركم به، وجانبوا ما نهاكم عنه، واتَّبعوا الصراط المستقيم، والحجة البيّنة، والسبل الواضحة، وأهل بيت الرحمة؛ الذين هداكم الله بهم بديئًا، واستنقَذكم بهم من الجوْر والعُدوان أخيرًا، وأصاركم إلى الخفض والأمن والعزّ بدولتهم، وشملكم الصلاح في أديانكم ومعايشكم في أيامهم، والعنوا مَنْ لعنه الله ورسوله، وفارِقوا مَنْ لا تنالون القربة من الله إلا بمفارقته.
اللهم العن أبا سفيان بن حرب، ومعاوية ابنه، ويزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم وولده، اللهم العن أئمة الكفر، وقادة الضلالة، وأعداء الدين، ومجاهدي الرسول، ومغيِّري الأحكام، ومبدّلِي الكتاب، وسفَّاكِي الدّم الحرام.
اللهم إنَّا نتبرّأ إليك من موالاة أعدائك، ومن الإغماض لأهل معصيتك، كما قلتَ:{لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة: ٢٢].
يا أيها الناس، اعرفوا الحقّ تعرفوا أهله، وتأمَّلوا سبل الضلالة تعرفوا سابلَها، فإنَّه إنما يبين عن الناس أعمالُهم، ويلحقهم بالضلال والصلاح آباؤهم؛ فلا يأخذكم في الله لومة لائم، ولا يميلنّ بكم عن دين الله استهواء مَنْ يستهويكم وكيدُ مَنْ يكيدكم، وطاعة من تُخرجكم طاعته إلى معصية ربِّكم.
أيها الناس، بنا هداكم الله، ونحن المستحفَظون فيكم أمر الله، ونحن ورثة رسول الله والقائمون بدين الله، فقفوا عندما نقفكم عليه، وانفذوا لما نأمركم به؛