للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم السبت لثمان بقين من شعبان من هذه السنة، وجَّه كرامة بن مُرّ من الكوفة بقوم مقيَّدين، ذكر أنهم من القرامطة، فأقرّوا على أبي هاشم بن صدقة الكاتب أنَّه كان يكاتبهم، وأنه أحد رؤسائهم، فقبض على أبي هاشم، وقيِّد وحبس في المطامير (١).

وفي يوم السبت لسبع خلون من شهر رمضان من هذه السنة جُمع المجانين والمعزّمون، ومُضِيَ بهم إلى دار المعتضد في الثريَّا بسبب الشَّخص الذي كان يظهر له، فأدخِلوا الدار، وصعِد المعتضد عِلِّيّةً له، فأشرف عليهم؛ فلما رآهم صرِعت امرأة كانت معهم من المجانين واضطربت، وتكشَّفت فضجر وانصرف عنهم، ووهب لكلّ واحد منهم خمسةَ دراهم - فيما ذكر - وصُرفوا.

وقد كان وجّه إلى المعزّمين قبل أن يشرف عليهم مَن يسألهم عن خبر الشخص الذي ظهر له: هل يمكنهم أن يعلموا علمه؟ فذكر قومٌ منهم أنهم يعزّمون على بعض المجانين، فإذا سقط سأل الجنِّيّ عن خبر ذلك الشخص وما هو، فلما رأى المرأة التي صُرعت أمر بصرفهم.

وفي ذي القعدة منها ورد الخبر من أصبهان بوثوب الحارث بن عبد العزيز بن أبي دُلف المعروف بأبي ليلى بشفيع الخادم الموكَّل كان به فقتله، وكان أخوه عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف أخذه فقيَّده، وحمله إلى قلعة لآل أبي دلف بالزّزّ، فحبسه فيها، وكان كلّ ما لآل أبي دُلف من مال ومتاع نفيس وجوهر في القَلْعة، وشفيع مولاهم موكّل بحفظ ذلك وحفظ القلعة، ومعه جماعة من غلمان عمر وخاصّته، فلما استأمن عمر إلى السلطان، وهرب بكر عاصيًا للسلطان بقيت القلعة بما فيها في يد شفيع، فكلَّمه أبو ليلى في إطلاقه فأبى، وقال: لا أفعل فيك وفيما في يدي إلا بما يأمرني به عمر.

فذكر عن جارية لأبي ليلى أنها قالت: كان مع أبي ليلى في الحبس غلامٌ صغير يخدُمه، وآخر يخرج ويدخل في حوائجه ولا يبيت عنده، ويبيت عنده الغلام الصغير، فقال أبو ليلى لغلامه الذي يخرج في حوائجه: احتلْ لي في مِبْرد تدخله إليّ، ففعل وأدخله في شيء من طعامه، وكان شفيع الخادم يجيء في كل ليلة إذا


(١) انظر المنتظم (١٢/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>