للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى سامُرّا حين تلقّاهم الناس راجعين (١).

ولسبع خلوْن من رجب خُلع على ابني القاسم بن عبيد الله، فوُلِّيَ الأكبر منهما ضياع الولد والحرم والنفقات، والأصغر منهما كتبة أبي أحمد بن المكتفي؛ وكانت هذه الأعمال إلى الحسين بن عمرو النصرانيّ، فعُزل بهما، وكان القاسم بن عبيد الله اتَّهم الحسين بن عمرو أنَّه قد سعى به إلى المكتفي.

ثمَّ إن الحسين بن عمرو كاشفَ القاسم بن عبيد الله بحضرة المكتفي، فلم يزل القاسم يدبّر عليه، ويغلظ قلب المكتفي عليه، حتى وصل إلى ما أراد من أمره.

وفي يوم الجمعة لأربع عشرة بقيت من شعبان قرئ كتابان في الجامعين بمدينة السلام بقتل يحيى بن زكرويه الملقَّب بالشيخ، قتله المصريون على باب دمشق؛ وقد كانت الحرب اتّصلت بينه وبين مَنْ حاربه من أهل دمشق وجندها ومددهم من أهل مصر، وكسر لهم جيوشًا، وقتل منهم خلْقًا كثيرًا، وكان يحيى بن زكرويه هذا يركب جملًا برحاله، ويلبس ثيابًا واسعة ويعتمّ عمة أعرابية، ويتلثّم، ولم يركب دابّةً من لدن ظهر إلى أن قُتِل وأمر أصحابه ألا يحاربوا أحدًا؛ وإن أتى عليهم حتى يبتعث الجمل من قبَل نفسه؛ وقال لهم: إذا فعلتم ذلك لم تهزموا (٢).

وذُكر أنَّه كان إذا أشار بيده إلى ناحية من النّواحي التي فيها محاربوه، انهزم أهل تلك الناحية، فاستغوَى بذلك الأعراب، ولمّا كان في اليوم الذي قُتِل فيه يحيى بن زكرويه الملقب بالشيخ، وانحازوا إلى أخيه الحسين بن زكرويه، فطلب أخاه الشيخ في القتلى، فوجده، فواراه وعقد الحسين بن زكرويه لنفسه، وتسمّى بأحمد بن عبد الله، وتكنَّى بأبي العباس.

وعلم أصحابُ بدر بعد ذلك بقتل الشيخ، فطلبوه في القتلى فلم يجدوه، ودعا الحسين بن زكرويه إلى مثل ما دعا إليه أخوه، فأجابه أكثر أهل البوادي وغيرهم من سائر الناس، واشتدّت شوكته وظهر، وصار إلى دمشق، فذُكر أن


(١) انظر المنتظم (١٣/ ١٤).
(٢) انظم المنتظم (١٣/ ١٥) فقد ذكر الخبر مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>