للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلها صالحوه على خراج دفعوه إليه، ثمَّ انصرف عنهم، ثمَّ سار إلى أطراف حِمْص، فتغلّب، عليها وخُطب له على منابرها، وتسمّى بالمهديّ، ثمَّ سار إلى مدينة حِمْص، فأطاعه أهلها وفتحوا له بابها خوفًا منه على أنفسهم فدخلها، ثمَّ سار منها إلى حَماة ومعرّة النعمان وغيرهما، فقتل أهلها، وقتل النساء والأطفال ثمَّ سار إلى بعلبك فقتل عامة أهلها حتى لم يبق منهم - فيما قيل - إلا اليسير، ثمَّ سار إلى سَلَمْية فحاربه أهلها ومنعوه الدخول، ثمَّ وادعهم وأعطاهم الأمان، ففتحوا له بابها، فدخلها، فبدأ بمَن فيها من بني هاشم، وكان بها منهم جماعة فقتلهم، ثمَّ ثنى بأهل سَلَمية فقتلهم أجمعين. ثمَّ قتل البهائم، ثمَّ قتل صبيان الكتاتيب، ثمَّ خرج منها؛ وليس بها عين تطرف - فيما قيل - وسار فيما حوالي ذلك من القرى يقتل ويَسْبِي ويحرِق ويُخِيف السبيل.

فذكر عن متطبّب بباب المحوّل يُدعى أبا الحسن أنَّه قال: جاءتْنِي امرأة بعدما أدخل القرمطيّ صاحب الشامة وأصحابه بغداد، فقالت لي: إني أريد أن تعالج شيئًا في كتفي، قلتُ: وما هو؟ قالت: جرح، قلت: أنا كحّال؛ وها هنا امرأة تعالج النساء، وتعالج الجراحات، فانتظري مجيئها، فقعدت، ورأيْتها مكروبة كئيبة باكية، فسألتُها عن حالها، وقلت: ما سبب جراحتك؟ فقالت: قصّتي تطول، فقلت: حدّثيني بها واصدقيني وقد خلا مَنْ كان عندي، فقالت: كان لي ابن غاب عنّي، وطالت غيبته، وخلّف عليّ أخوات له، فضقتُ واحتجت، واشتقتُ إليه، وكان شخص إلى ناحية الرّقة، فخرجتُ إلى الموصِل وإلى بَلَد وإلى الرّقة؛ كلّ ذلك أطلبه، وأسأل عنه؛ فلم أدَلّ عليه، فخرجتُ عن الرّقة في طلبه، فوقعت في عسكر القرمطيّ، فجعلت أطوف وأطلبه؛ فبينا أنا كذلك إذْ رأيتُه فتعلقت به، فقلت: ابني! فقال: أمي! فقلت: نعم، قال: ما فعل أخواتي؟ قلت: بخير، وشكوت ما نالنا بعده من الضّيق، فمضى بي إلى منزله، وجلس بين يديّ، وجعل يسائلني عن أخبارنا، فخبّرته، ثمَّ قال: دَعيني من هذا وأخبريني ما دينك؟ فقلت: يا بنيّ أما تعرفُني! فقال: وكيف لا أعرفك! فقلت: ولمَ تسألني عن ديني وأنت تعرفني وتعرف ديني! فقال: كلّ ما كنّا فيه باطل، والدّين ما نحن فيه الآن، فأعظمتُ ذلك وعجبت منه، فلما رآني كذلك خرج وتركني، ثمَّ وجّه إليّ بخبز ولحم وما يصلحني، وقال: اطبخيه، فتركتُه ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>