للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمسّه، ثمَّ عاد فطبخه، وأصلح أمر منزله، فدقّ الباب داقٌّ؛ فخرج إليه فإذا رجل يسأله، ويقول له: هذه القادمة عليك تُحسن أن تصلح من أمر النساء شيئًا؟ فسألني فقلت: نعم، فقال: امضي معي، فمضيت فأدخلني دارًا، وإذا امرأة تطلق، فقعدت بين يديها، وجعلت أكلّمها، فلا تكلّمني، فقال لي الرجل الذي جاء بي إليها: ما عليك من كلامها، أصلحي أمر هذه، ودَعِي كلامها، فأقمتُ حتى ولدت غلامًا، وأصلحتُ من شأنه، وجعلت أكلّمها، وأتلطف بها وأقول لها: يا هذه، لا تحتشميني؛ فقد وجب حقِّي عليك، أخبريني خبرك وقصّتك ومن والد هذا الصبي، فقالت: تسأليني عن أبيه لتطالبيه بشيء يهبه لك! فقلت: لا، ولكن أحبّ أن أعلم خبرك، فقالت لي: إني امرأة هاشميّة - ورفعتْ رأسها؛ فرأيت أحَسن الناس وجهًا - وإن هؤلاء القوم أتْونا، فذبحوا أبي وأميّ وإخوتي وأهلي جميعًا، ثمَّ أخذني رئيسهم، فأقمتُ عنده خمسة أيام، ثمَّ أخرجني، فدفعني إلى أصحابه، فقال: طهّروها فأرادوا قتلي، فبكيتُ، وكان بين يديه رجل من قوّاده، فقال: هبها لي، فقال: خذها، فأخذني، وكان بحضرته ثلاثة أنفس قيام من أصحابه، فسلُّوا سيوفهم، وقالوا: لا نسلّمها إليك؛ إِمَّا أن تدفعَها إلينا، وإلّا قتلناها، وأرادوا قتلي، وضجّوا، فدعاهم رئيسهم القرمطيّ، وسألهم عن خبرهم فخبَّروه، فقال: تكون لكم أربعتكم، فأخذوني، فأنا مقيمة معهم أربعتهم، والله ما أدري ممّن هو هذا الولد منهم!

قالت: فجاء بعد المساء رجل فقالت لي: هنّيه، فهنأته بالمولود، فأعطاني سبيكة فضة، وجاء آخر وآخر، أهنِّئُ كلّ واحد منهم، فيعطيني سبيكة فضة؛ فلما كان في السحر جاء جماعة مع رجل وبين يديه شمع، وعليه ثياب خزّ تفوح منه رائحة المسك، فقالت لي: هنّيه، فقمت إليه، فقلت: بيَّض الله وجهك، والحمد لله الذي رزقك هذا الابن، ودعوت له، فأعطاني سبيكة فيها ألف درهم، وبات الرجل في بيت، وبتّ مع المرأة في بيت، فلما أصبحت قلت للمرأة: يا هذه، قد وجب عليك حقّي، فالله الله فيّ، خلصيني! قالت: ممّ أخلصك؟ فخبّرتُها خبر ابني، وقلت لها: إني جئتُ راغبة إليه، وإنه قال لي كيت وكيت، وليس في يدي منه شيء، ولي بنات ضِعاف خلفتهنّ بأسوأ حال، فخلِّصيني من هاهنا لأصلَ إلى بناتي، فقالت: عليك بالرّجل الذي جاء آخر

<<  <  ج: ص:  >  >>