للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم، فسليه ذلك، فإنَّه يخلصك، فأقمتُ يومي إلى أن أمسيتُ؛ فلما جاء تقدّمت إليه، وقبّلتُ يده ورجله، وقلت: يا سيّدي قد وجب حقّي عليك، وقد أغناني الله على يديك بما أعطيتني، ولي بنات ضِعاف فقراء، فإن أذَنت لي أن أمضي فأجيئك ببناتي حتى يخدمنك ويكنّ بين يديك! فقال: وتفعلين؟ قلت: نعم، فدعا قومًا من غلمانه، فقال: امضوا معها حتى تبلغوا بها موضع كذا وكذا، ثمَّ اتركوها وارجعوا، فحملوني على دابّة، ومضْوا بي، قالت: فبينما نحن نسير، وإذا أنا بابني يركُض، وقد كنا سِرْنا عشرة فراسخ - فيما خبَرني به القوم الذين معي - فلحقني وقال: يا فاعلة، زعمتِ أنك تمضين وتجيئين ببناتِك! وسلّ سيفه ليضربني، فمنعه القوم، فلحقني طرف السيف، فوقع في كتفي، وسلّ القوم سيوفَهم، فأرادوه، فتنحّى عني، وساروا بي حتى بلغوا بي الموضع الذي سمّاه لهم صاحبهم، فتركوني ومضوا، فتقدّمت إلى هاهنا وقد طفتُ لعلاج جرحي، فوُصف لي هذا الموضع، فجئت إلى هاهنا، قالت: ولما قدم أمير المؤمنين بالقرمطيّ وبالأسارى من أصحابه خرجتُ لأنظر إليهم؛ فرأيت ابني فيهم على جمل؛ عليه برنس وهو يبكي وهو فتىً شابّ، فقلت له: لا خفّف الله عنك ولا خلّصك! قال المتطبّب: فقمت معها إلى المتطبّبة لما جاءت، وأوصيتُها بها، فعالجت جرحَها وأعْطَتْها مَرهمًا، فسألت المتطبّبة عنها بعد منصرفها، فقالت: قد وضعت يدي على الجرح، وقلت: انفخي، فنفخت فخرجت الريح من الجرح من تحت يدي، وما أراها تبرأ منه، ومضت فلم تعد إلينا.

ولإحدى عشرة بقيتْ من شوّال من هذه السنة، قبض القاسم بن عبيد الله على الحسين بن عمرو النصرانيّ، وحبسه، وذلك أنَّه لم يزل يسعى في أمره إلى المكتفي، ويقدح فيه عنده؛ حتى أمره بالقبض عليه، وهرب كاتب الحسين بن عمرو حين قبض على الحسين المعروف بالشيرازيّ، فطُلب وكُبِست منازل جيرانه، ونُودي: مَنْ وجده فله كذا وكذا، فلم يوجد.

ولسبع بقين منه صُرف الحسين بن عمرو إلى منزله، على أن يخرج من بغداد، وفي الجمعة التي بعدها خرج الحسين بن عمرو وحُدِر إلى ناحية واسط على وجه النفي، ووُجد الشيرازيُّ كاتبه لثلاث خلون من ذي القعدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>