ولليلتين خلتا من شهر رمضان من هذه السنة أمر المكتفي بإعطاء الجند أرزاقَهم والتأهّب للشخوص لحرب القرمطيّ بناحية الشأم، فأطلق للجند في دفعة واحدة مئة ألف دينار؛ وذلك أنّ أهل مصر كتبوا إلى المكتفي يشكُون ما لقُوا من ابن زكرويه المعروف بصاحب الشامة، وأنه قد أخرب البلاد، وقتل الناس، وما لَقُوا من أخيه قبله وقتلهما رجالهم، وأنه لم يبق منهم إلا العدد اليسير (١).
ولخمس خلوْن من شهر رمضان أخرِجت مضارب المكتفي، فضُربت بباب الشماسيّة.
ولسبع خلوْن منه خرج المكتفي في السّحَر إلى مضربه بباب الشّماسية، ومعه قواده وغلمانه وجيوشه.
ولاثنتي عشرة ليلة من شهر رمضان، رحل المكتفي من مضربه بباب الشماسيَّة في السَّحَر، وسلك طريق الموصِل.
وللنصف من شهر رمضان منها مضى أبو الأغرّ إلى حلب، فنزل وادي بُطْنَان قريبًا من حلَب، ونزل معه جميع أصحابه، فنزع - فيما ذُكر - جماعة من أصحابه ثيابهم، ودخلوا الوادي يتبرّدون بمائه، وكان يومًا شديد الحرّ؛ فبيناهم كذلك إذ وافَى جيش القرمطيّ المعروف بصاحب الشامة، وقد بدرهم المعروف بالمطوَّق، فكبَسهم على تلك الحال، فقتل منهم خلقًا كثيرًا وانتهب العسكر، وأفلت أبو الأغرّ في جماعة من أصحابه، فدخل حلَب، وأفلت معه مقدار ألف رجل، وكان في عشرة آلاف بين فارس وراجل، وكان قد ضُمّ إليه جماعة ممّن كان على باب السلطان من قوّاد الفراغنة ورجالهم، فلم يفلِتْ منهم إلا اليسير، ثمَّ صار أصحاب القرمطيّ إلى باب حلَب، فحاربهم أبو الأغرّ ومَن بقي معه من أصحابه وأهل البلد، فانصرفوا عنه بما أخذُوا من عسكره من الكُراع والسلاح والأموال والأمتعة بعد حرب كانت بينهم، ومضى المكتفي بمَنْ معه من الجيش حتى انتهى إلى الرّقة، فنزلها وسرّح الجيوش إلى القرمطيّ جيشًا بعد جيش.
ولليلتين خلتا من شوال ورد مدينة السلام كتابٌ من القاسم بن عبيد الله، يخبر فيه أن كتابًا ورد عليه من دمشق من بدر الحماميّ صاحب ابن طولون، يخبر