للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان زكرويه راسلهم، وقد انصرف المسلمون عن مصلّاهم مع إسحاق بن عمران، فتفرّقوا من جهتين، ودخلوا أبيات الكوفة، وقد ضربوا على القاسم بن أحمد داعية زكرويه قُبّة، وقالوا: هذا ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ودعَوْا: يالثارات الحسين! يعنون الحسين بن زكرويه المصلوب بباب جسر مدينة السلام، وشعارهم: يا أحمد يا محمَّد - يعنون ابنيْ زكرويه المقتولين. وأظهروا الأعلام البيض، وقدّرُوا أن يستغووا رعاع الكوفيّين بذلك القول، فأسرع إسحاق بن عمران ومَنْ معه المبادرة نحوهم، ودفعهم وقتل مَنْ ثبت له منهم، وحضر جماعةٌ من آل أبي طالب، فحاربوا مع إسحاق بن عمران، وحضر جماعة من العامّة؛ فحاربوا، فانصرف القرامطة خاسئين، وصاروا إلى قرية تدعى العَشيرة من آخر عمل طَسُّوج السالحين ونهر يوسف مما يلي البرّ من يومهم، وأنفذوا إلى عدوّ الله زكرويه بن مهرويه مَن استخرجه من نقير في الأرض، كان متطمّرًا فيه سنين كثيرة بقرية الدرية وأهل قرية الصّؤر يتلقَّونَه على أيديهم، ويسمّونه ولىّ الله، فسجدوا له لمَّا رأوْه، وحضر معه جماعة من دعاته وخاصَّته، وأعلمهم أنَّ القاسم بن أحمد أعظم الناس عليهم مِنّةً، وأنه ردّهم إلى الدّين بعد خروجهم منه، وأنهم إذا امتثلوا أمَره أنجز مواعيدَهم، وبلّغهم آمالَهم، ورمز لهم رموزًا؛ وذكر فيها آيات من القرآن، نقلها عن الوجه الذي أنزلت فيه، واعترف لزكرويه جميع مَنْ رسخ حبُّ الكفر في قلبه من عربيّ ومولَى ونبَطيّ وغيرهم أنَّه رئيسهم المقدّم، وكهفهم وملاذُهم، وأيقنوا بالنصر وبلوغ الأمل، وسار بهم وهو محجوب عنهم يدعونه السيّد، ولا يبرزونه لمن في عسكرهم، والقاسم يتولّى الأمور دونه، ويُمضيها على رأيه إلى مؤاخر سِقْي الفرات من عمل الكوفة، وأعلمهم أنّ أهل السواد قاطبة خارجون إليه، فأقام هنالكَ نَيّفًا وعشرين يومًا؛ يبثّ رسله في السواديَين مستلحقين، فلم يلحق بهم من السواديين إلا من لحقته الشقوة، وهم زهاء خمسمئة رجل بنسائهم وأولادهم، وسرّب إليه السلطان الجنود، وكتب إلى كلّ مَنْ كان نفذ نحو الأنبار وهِيت لضبطها خوفًا من معاودة المقيمين الذين كانوا بالماءين إليها بالانصراف نحو الكوفة، فعجّل إليهم جماعة من القوّاد منهم: بشر الأفشينيّ، وجنى الصفوانيّ، ونحرير العمريّ، ورائق فتى أمير المؤمنين، والغلمان الصّغار المعروفين بالحُجَريَّة، فأوقعوا بأعداء الله بقرب قرية الصؤر، فقتلوا رجّالتهم وجماعة من فرسانهم، وأسلموا بيوتَهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>