للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيديهم، فدخلوها، وتشاغلوا بها، فعطفت القرامطة عليهم فهزموهم (١).

وذُكر عن بعض مَنْ ذُكر أنَّه حضر مجلس محمَّد بن داود بن الجراح، وقد أدخِل إليه قوم من القرامطة، منهم سِلْفُ زكرويه، فكان مما حدّثه أنَّه قال: كان زكرويه مختفيًا في منزلي في سرداب في داري عليه باب حديد، وكان لنا تنُّور ننقله، فإذا جاءنا الطلب وضعنا التنُّور على باب السرداب، وقامت امرأة تسجُره؛ فمكث كذلك أربع سنين، وذلك في أيام المعتضد، وكان يقول: لا أخرج والمعتضد في الأحياء، ثمَّ انتقل من منزلي إلى دار قد جُعل فيها بيت وراء باب الدار، إذا فُتح باب الدار انطبق على باب البيت، فيدخل الداخل فلا يرى بابَ البيت الذي هو فيه، فلم يزل هذه حاله حتى مات المعتضد، فحينئذ أنفذ الدّعاة، وعمل في الخروج.

ولما ورد خبر الوقعة التي كانت بين القرمطيّ وأصحاب السلطان بالصؤر على السلطان والناس، أعظموه، ونُدب للخروج إلى الكوفة مَنْ ذكرت من القوّاد، وجُعِلت الرئاسة لمحمد بن إسحاق بن كُنْدَاج، وضمّ إليه جماعة من أعراب بني شيبان والنّمِر زهاء ألفيْ رجل، وأعطُوا الأرزاق.

* * *

ولاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى قدم بغداد من مكة جماعة نحو العشرة، فصاروا إلى باب السلطان، وسألوه توجيه جيش إلى بلدهم، لأنهم على خوف من الخارج بناحية اليَمن أن يطأ بلدهم، إذ كان قد قرب منها بزعمهم.

وفي يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلتْ من رجب، قرئ على المنبر ببغداد كتابٌ ورد على السلطان، أنّ أهل صنعاء وغيرهم من مُدن اليمن اجتمعوا على الخارجيّ الذي كان تغلّب عليها، فحاربوه وهزموه، وفلُّوا جُموعه، فانحاز إلى موضع من نواحي اليمن، ثمَّ خلع السلطان لثلاث خلوْن من شوال على مظفّر


(١) هذه نهاية التفاصيل التي ذكرها الطبري عن تلك المعارك الطاحنة فقد لخّصها الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية [٨/ ٢٧٢ - ٢٧٣] وانظر المنتظم [١٣/ ٤٤ - ٤٥] فابن الجوزي بدوره اختصر تلك التفاصيل فلينظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>