فلما خرج إليهما الخبر بذلك ومع أبي سفيان بني له، فقال: والله لتأذنن لي أو لآخذن بيد بني هذا، ثم لنذهبن بالأرض حتى نموت عطشا وجوعًا فلما بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رق لهما. ثم أذن لهما. فدخلا فأسلما. فلما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمر الظهران قال العباس: واصباح قريش، والله لئن دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة قبل أن يستأمنوه إنه لهلاك قريش إلي آخر الدهر. قال: فجلست علي بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيضاء، فخرجت عليها حتى جئت الأراك. فقلت لعلي: ألقي بعض الحطّابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة. قال: فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له، إذ سمعت كلام أبي سفيان وبُديل بن ورقاء وهما يتراجعان، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كاليوم قط نيرانًا ولا عسكرًا. قال: يقول بديل: هذه والله نيران خزاعة حشَّها الحرب. قال: يقول أبو سفيان: خزاعة والله أذل وألأم من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها. قال: فعرفت صوته، فقلت: يا أبا حنظلة، فعرف صوتي. فقال: أبو الفضل؟ فقلت: نعم. فقال: ما لك فداك أبي وأمي؟ فقلت: ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس، واصباح قريش والله! قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟ . قال: قلت: لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب معي هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأستأمنه لك. قال: فركب خلفي ورجع صاحباه وحركت به، فكلما مررت بنار من نيران المسلمين، قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بغلته. حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال: من هذا وقام إليّ، فلما رأي أبا سفيان علي عجز البغلة قال: أبو سفيان عدو الله؟ ! الحمد لله الذي أمكن الله منك بغير عقدٍ ولا عهد، ثم خرج يشتدُّ نحو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة الرجل البطيء، فاقتحمت عن البغلة فدخلت علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخل عمر فقال: يا رسول الله هذا =