للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- قال: وفي عماية الصبح، وكان القوم قد سبقوا إلى الوادي، فكَمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه، قد أجمعوا وتهيَّؤوا وأعدّوا- فوالله ما راعنا ونحن منحطّون إلّا الكتائب قد شدّتْ علينا شَدّة رجل واحد؛ وانهزم الناس أجمعون، فانشمروا لا يلوي أحدٌ على أحد؛ وانحاز رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ اليمين، ثم قال: أين أيها الناس! هلمّ إليَّ! أنا رسولُ الله، أنا محمد بن عبد الله! قال: فلا شيء، احتملت الإبل بعضها بعضًا، فانطلق الناس؛ إلّا أنه قد بقيَ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نفرٌ من المهاجرين والأنصار وأهل بيته. وممّن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر، وعمر، ومن أهل بيته عليٌّ بن أبي طالب، والعبّاس بن عبد المطلب، وابنُه الفضل، وأبو سفيان بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وأيمَن بن عُبيد -وهو أيمن ابن أمّ أيمن- وأسامة بن زيد بن حارثة. قال: ورجل من هوازن على جمل له أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل، أمام الناس وهوازن خلْفه، إذا أدرك طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه؛ فاتبعوه (١). (٣: ٧٤).

٢٥٨ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سَلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزّهريّ، عن كثير بن العباس، عن أبيه العباس بن عبد المطلب، قال: إنّي لمعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - آخذٌ بحَكمَة بغلته البيضاء، قد شجرتُها بها، قال: وكنت امرأ جسيمًا شديد الصوت، قال: ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين رأي من الناس ما رأي: أينَ أيّها الناس! فلمّا رأى الناس لا يَلْوُون على شيء قال: يا عباس، اصرخ: يا معشر الأنصار! يا أصحاب السَّمُرَة! فناديت: يا معشرَ الأنصار، يا معشر أصحاب السَّمُرة! قال: فأجابوا: أنْ لبَّيك لبّيك! قال: فيذهبُ الرّجُل منهم يريد ليَثني بعيرَه؛ فلا يقدر علي ذلك، فيأخذ دِرْعه فيقذِفها في عُنقه، ويأخذ سيفه وتُرسه، ثم يقتحم عن بعيره فيخلِّي سبيلَه في الناس، ثم يَؤمّ الصوت، حتى ينتهيَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى إذا اجتمع إليه منهم مئة رجل استقبلوا الناس،


(١) إسناده إلى ابن إسحاق ضعيف إلا أن ابن هشام أخرجه في السيرة (٢/ ٤٤٢) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله.
قلنا: وهذا إسناد حسن أخرجه ابن حبان (الموارد / ح ١٧٠٤) وأحمد (٣/ ٣٧٦) والبيهقي (الدلائل ٥/ ١٢٠) والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>