فقيل له: قد جلس أبو بكر للبيْعة، فخرج في قميص ما عليه إزارٌ ولارداءٌ، عجلًا، كراهيَةَ أن يُبْطئ عنها، حتى بايعه. ثم جلس إليه وبعث إلى ثوبه فأتاه فتجلله، ولزم مجلسه (١). (٣/ ٢٠٧).
٤ - حدَّثنا أبو صالح الضَّراريّ، قال: حدَّثنا عبد الرزاق بن همَّام، عن معمَر، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة: أن فاطمةَ والعباس أتيا أبا بكر يطلُبان ميراثهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهما حينئذ يطلبان أرضَه من فَدَك، وسهمَه من خيبر، فقال لهما أبو بكر: أما إنّي سمعتُ رسولَ الله يقول: لا نورَثُ، ما تَرَكْنا فهو صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال. وإني والله لا أدَعُ أمرًا رأيت رسول الله يصنعه إلَّا صنعته. قال: فهجرتْه فاطمة فلم تكلّمْه في ذلك حتى ماتت، فدفنها عليٌّ ليلًا، ولم يؤذِن بها أبا بكر. وكان لعليّ وَجْهٌ من الناس حياةَ فاطمة، فلما توفِّيتْ فاطمة انصرفتْ وجوه الناس عن عليّ؛ فمكثتْ فاطمة ستة أشهر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم توفيت.
قال معمر: فقال رجلٌ للزهريّ: أفلم يبايعه عليٌّ ستة أشهر! قال: لا؛ ولا أحدٌ من بني هاشم؛ حتى بايعه عليّ. فلما رأى عليٌّ انصرافَ وجوه الناس عنه ضَرع إلى مصالحة أبي بكر، فأرسل إلى أبي بكر: أن ائتنا ولا يأتِنا معك أحدٌ، وكره أن يأتيَه عمر لما علم من شدَّة عمر، فقال عمر: لا تأتهم وحدَك، قال أبو بكر: والله لآتينّهم وحدِي، وما عسى أن يصنعوا بي! قال: فانطلق أبو بكر، فدخل على عليّ، وقد جَمَعَ بني هاشم عنده، فقام عليٌّ فحمِد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أمَّا بعد، فإنه لم يمنعنا من أنْ نبايعك يا أبا بكر إنكارٌ لفضيلتك، ولا نَفَاسَةٌ عليك بخيرٍ ساقه الله إليك، ولكنا كنَّا نرى: أن لنا في هذا الأمر حقًّا، فاستبددتم به علينا. ثم ذكر قرابته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحقَّهم. فلم يزل عليٌّ يقول ذلك حتى بَكى أبو بكر.
فلما صمت عليٌّ تشهَّد أبو بكر، فحمِد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعدُ؛ فوالله لقرابة رسول الله أحبُّ إليَّ أن أصلَ من قرابتي؛ وإني والله ما ألوتُ
(١) إسناده ضعيف، ولكن أصل المتن (أي بيعة علي لأبي بكر) صحيح دون ذكر لهذه الصفة التي جاء بها علي رضي الله عنه وأرضاه.