للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذت خِنجَري، ثم أقبلت وأنا أريد أن أحمل عليه، فأطعنه به حتى أقتله، ثم أقتل من معه، فلمّا دنوت منه رأى في وجهي الشَّرَّ، فقال: مكانك! فوقفت، فقال: إنّك أكبرُ مَن ها هنا، وأعلمُهم بأشراف أهلها، فاقسمْ هذه الجُزُرَ بينهم. وركب فانطلق وَعلِقتُ أقسم اللَّحم بين أهل صنعاء، فأتاني ذلك الذي دقّ في رقبتي، فقال: أعطنِي منها، فقلت: لا والله ولا بَضعة واحدة؛ ألَسْتَ الذي دققتَ في رقبتي! فانطلق غضبانَ حتى أتى الأسْوَد؛ فأخبره بما لقِي منّي وقلت له. فلمَّا فرغتُ أتيتُ الأسودَ أمشي إليه، فسمعت الرَّجل وهو يشكوني إليه، فقال له الأسود: أمَّا والله لأذبحنَّه ذبحًا! فقلت له: إني قد فرغت ممَّا أمرتَني به، وقسَمْتُه بين الناس. قال: قد أحسنتَ فانصرف. فانصرفت، فبعثنا إلى امرأة الملك: إنا نريد قتل الأسود؛ فكيف لنا! فأرسلتْ إليّ: أن هلمَّ. فأتيتها، وجعلت الجارية على الباب لتُؤذِنَنا إذا جاء، ودخلتُ أنا وهي البيتَ الآخر، فحفرنا حتى نقبنَا نقبًا، ثم خرجنا إلى البيت، فأرسلنا السَّتر، فقلت: إنا نقتُله الليلة، فقالت: فتعالوْا؛ فما شعرت بشيء حتى إذا الأسود قد دخل البيت؛ وإذا هو معنا؛ فأخذتْه غَيرة شديدة، فجعل يدقّ في رقبتي، وكَفْكَفْتُه عنِّي، وخرجت فأتيتُ أصحابي بالذي صنعت، وأيقنت بانقطاع الحيلة عنّا فيه؛ إذ جاءنا رسولُ المرأة؛ ألَّا يَكْسِرنَّ عليكم أمرَكم ما رأيتُم؛ فإنِّي قد قلت له بعد ما خرجتَ: ألسْتم تزعمون أنكم أقوام أحرار لكم أحسابٌ! قال: بلى، فقلت: جاءني أخي يُسَلِّم عليّ ويكْرمني، فوقعتَ عليه تدقّ في رقبته؛ حتى أخرجته، فكانت هذه كرامتك إيَّاه! فلم أزَلْ ألومه حتى لام نفسه، وقال: أهو أخوك؟ فقلت؟ نعم، فقال: ما شعرتُ! فأقبِلوا الليلة لما أردتم.

قال الديلميّ: فاطمأنَّتْ أنفسُنا، واجتمع لنا أمرُنا؛ فأقبلنا من الليل أنا وداذويه وقيس حتى ندخل البيت الأقصى من النَّقْب الذي نَقَبْنا، فقلت: يا قيس! أنت فارس الرب، ادخل فاقْتُل الرَّجل، قال: إني تأخذني رِعْدة شديدة عند البأس، فأخاف أن أضرب الرجل ضربةً لا تُغْني شيئًا؛ ولكن ادخل أنت يا فيروز، فإنَّك أشَبُّنا وأقوانا، قال: فوضعتُ سيفي عند القوم، ودخلت لأنظر أين رأسُ الرجل! فإذا السراج يزهر؛ وإذا هو راقد على فُرُش قد غاب فيها لا أدري أين رأسه من رجليه! وإذا المرأة جالسة عنده كانت تطعمه رمَّانًا حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>