للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوفُ الجَذَمِيّ حتى نزل بإزائنا، وأرسل إليه ثُمامة بن أوْس بن لأم الطائيّ: إنّ معي من جَديلة خمسمئة، فإنْ دَهِمَكم أمر فنحن بالقُرْدُودة والإنسُر دُوَينَ الرمل. وأرسل إليه مُهَلْهِلُ بن زيد: إنّ معي حدَّ الغوث؛ فإنْ دهِمكم أمرٌ فنحن بالأكناف بحيال فَيد. وإنما تحدَّبتْ طيّئ على ذي الخمارين عوف: أنه كان بين أسَد وغَطَفَان وطيّئ حِلْفٌ في الجاهليّة، فلما كان قبل مبعث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - اجتمعتْ غَطَفان وأسَد على طيّئ، فأزاحوها عن دارها في الجاهلية: غَوْثها، وجَدِيلتها، فكره ذلك عَوْف؛ فقطع ما بينه وبين غَطَفان، وتتابع الحيَّانِ على الجَلاء، وأرسل عوف إلى الحيّين من طيّيء، فأعاد حِلْفهم، وقام بنصرتهم، فرجعوا إلى دُورهم، واشتدّ ذلك على غَطَفان؛ فلما مات رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قام عُيَينة بن حِصْن في غَطَفَان؛ فقال: ما أعرف حدودَ غَطَفَان منذ انقطع ما بيننا وبين بني أسَد؛ وإني لمجدّد الحِلْف الذي كان بيننا في القديم ومتابعٌ طليحة؛ والله لأنْ نتّبع نبيًّا من الحليفين أحبُّ من أن نتّبع نبيًّا من قريش؛ وقد مات محمد، وبَقِيَ طليحة! فطابَقُوه على رأيِه، ففعل وفعلوا.

فلمّا اجتمعت غطفان على المطابَقة لطليحة هَرب ضرار، وقُضاعيّ، وسنان، ومَن كان قام بشيء من أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في بني أسد إلى أبي بكر، وارفضّ مَن كان معهم، فأخبروا أبا بكر الخبر، وأمروه بالحذَر، فقال ضرار بن الأزور: فما رأيتُ أحدًا - ليس رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمْلأَ بحرب شَعواء من أبي بكر؛ فجعلنا نخبره، ولكأنما نخبره بما له ولا عليه. وقدمتْ عليه وفودُ بني أسد، وغَطَفَان، وهَوازِن، وطيّئ، وتلقتْ وفودُ قضاعة أسامة بن زيد، فحوَّزها إلى أبي بكر؛ فاجتمعوا بالمدينة فنزلوا على وجوه المسلمين لعاشر من مُتَوَفَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعرضوا الصلاةَ على أن يُعْفوا من الزّكاة، واجتمع مَلأ مَن أنزلهم على قبول ذلك حتى يبلغوا ما يريدون؛ فلم يبق من وجوه المسلمين أحد إلا أنزل منهم نازلًا إلا العبَّاس. ثم أتوا أبا بكر فأخبروه خبرهم وما أجمع عليه ملؤُهم، إلَّا ما كان من أبي بكر، فإنه أبي إلَّا ما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ، وأبوا، فردّهم وأجَّلهم يومًا وليلة؛ فتطايروا إلى عشائرهم. (٣: ٢٥٧/ ٢٥٨).

٢٠ - حدَّثني السريّ، قال: حدَّثنا شُعيب عن سيف، عن سَهْل بن يوسف، قال: أخذ المسلمون رجلًا من بني أسَد، فأتِيَ به خالد بالغَمْر -وكان عالمًا بأمر

<<  <  ج: ص:  >  >>