للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل لكُمُ في السير قبل قتالهم ... وقبل خروج المعصراتِ من الخِدْر!

فيزعمون: أن مغنّيَهم ذلك قتِل تحت الغارة، فسال دمُه في تلك الجفنة. ثم سار خالدٌ على وجهه ذلك، حتى أغار على غَسَّان بمرْج راهط، ثم سار حتى نزلَ على قناة بُصْرَى، وعليها أبو عبيدة بن الجراح وشُرَحْبيل بن حَسَنة ويزيد بن أبي سفيان؛ فاجتمعوا عليها، فرابطوها حتى صالحت بُصرى على الجِزْية، وفتحها الله على المسلمين، فكانتْ أوّلَ مدينة من مَدائن الشام فتحت في خلافة أبي بكر. ثم ساروا جميعًا إلى فِلِسطين مددًا لعمرو بن العاص، وعمرو مقيم بالعَرباتِ مِنْ غَوْر فِلِسطين، وسمعت الرُّوم بهم، فانكشفوا عن جلَّق إلى أجْنادِين؛ وعليهم تَذَارق أخُو هِرَقْل لأبيه وأمِّه - وأجنادين بلد بين الرّملة وبيت جَبْرين من أرض فلسطين - وسار عمرو بن العاص حينَ سمع بأبي عبيدة بن الجرّاح وشُرَحبْيل بن حَسَنة ويزيد بن أبي سفيان حتى لقيَهم، فاجتمعوا بأجنادين؛ حتى عسكروا عليهم (١). (٣: ٤٠٥/ ٤٠٦ / ٤١٥/ ٤١٦ / ٤١٧).


(١) إسناده ضعيف ولكن ذكرناه في قسم الصحيح لورود ما يقوي بعضه ولكن وردت عبارات زيادات تنمُّ عن غضب خالد عندما جاءه أمر سيدنا أبي بكر رضي الله عنه بلحاقه مع نصف جيش المسلمين في العراق بجيوش الفاتحين في الشام، وأن خالدًا رضي الله عنه اتهم عمرًا رضي الله عنه بوقوفه وراء هذه الأوامر وتذكر هذه الروايات الضعيفة سندًا: أن خالدًا قال: هذا حسد من عمر حسدني على فتح العراق وأن يكون على يدي فأحبّ أن يجعلني مددًا لعمرو ...
وفي رواية الطبري كلام لا يليق بتعامل الصحابة مع بعضهم البعض وحاشاهم أن يقولوا ذلك إذ جاء فيه أن خالدًا قال: (هذا عمل الأعيسر بن أم شملة؛ يعني: عمر بن الخطاب ... حسدني أن يكون فتح العراق على يديّ)، وللوقوف على هذه العبارات راجع كلّا من (تأريخ الطبري ٣/ ٤١٥) وتهذيب تأريخ دمشق (١/ ١٣١) وفتوح الشام للأزدي (ص ٦٨).
قلنا: (وبالله التوفيق): بالإضافة إلى كون هذه (الزيادة) ضعيفة الإسناد فإنها شاذة تخالف تمامًا ما هو أصح منها في الروايات التي تحدثت عن ردة فعل خالد بن الوليد لمسألة أمره بالتوجه نحو الشام. وكذلك تخالف ما ذكره أئمة المغازي والسير في قضية تقدير عمر له وأما مسألة عزل سيدنا عمر لسيف الله خالد بعد ذلك فمسألة بعيدة تمامًا عن الحقد والضغينة وما إلى ذلك. وإنما مسألة موازين إسلامية، وتقدير عسكري، وبُعْد استراتيجي (كما يقولون) ودراسة لطبيعة المرحلة الزمنية، ومراعاة للمصلحة المشتركة، كما سنبين إن شاء الله تعالى كالآتي:
١ - هنالك رواية توضح ردة فعل خالد لما هو أشدّ من أمره بالتوجه إلى الشام ألا وهو أمر =

<<  <  ج: ص:  >  >>