للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= عزله عن قيادة الجيش وإسناد ذلك إلى أبي عبيدة رضي الله عنه؛ فقد أخرج ابن سعد في الطبقات (٧/ ١٣٦) وأحمد في المسند (٤/ ٩٠) عن عبد الملك بن عمير قال: استعمل عمر أبا عبيدة على الشام وعزل خالد بن الوليد فقال خالد: بعث عليكم أمين هذه الأمة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله، فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (خالد سيف من سيوف الله، نعم فتى العشيرة! ) وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الملك بن عمير لم يدرك أبا عبيدة (مجمع الزوائد ٩/ ٣٥١).
٢ - أخرج ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٢/ ٤٣٠) من حديث الثوري: قيل لعمر عند موته: استخلف فقال: لو أدركت خالد بن الوليد ثم وليته ثم قدمت على ربي فقال لي: من استخلفت على أمة محمد؟ فقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول: (حالد سيف من سيوف الله سلّه على المشركين) وكذلك أخرج (٢/ ٤٣٠) أن عمر رضي الله عنه قال عند وفاة خالد رضي الله عنه: (على مثل أبي سليمان تبكي البواكي).
٣ - وفي الجانب الآخر فإن خالدًا رضي الله عنه لم يكن طالبًا للإمارة بل كان محبًا للجهاد تواقًا إلى الشهادة في سبيل الله فقد قال الحافظ ابن حجر: قال ابن المبارك في كتاب الجهاد عن حماد بن زيد: حدثنا عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل - ثم شك حماد في أبي وائل - قال: لما حضرت خالدًا الوفاة قال: لقد طلبت القتل في مَظَانّه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي، وما من عملي شيء أرجى عندي بعد أن لا إله إلا الله من ليلة بتُّها أنا متترسٌ والسماء تهلني تمطر إلى صبح، حتى نغير على الكفار؛ ثم قال: إذا أنا متُّ فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عدّة في سبيل الله ثم توفي (الإصابة ٢/ ٢١٩ / ت ٢٢٠٦) وأخرج ابن سعد أن خالدًا قال عند موته: ما كان في الأرض من ليلة أحبّ إليّ من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبّح بهم العدو، فعليكم بالجهاد.
فهذا هو سيف الله خالد عشق الجهاد وصهوة الجياد وغبار المعركة في سبيل الله حتى نهاية حياته: وقبل الرمق الأخير أوصى بسلاحه وفرسه عدة في سبيل الله من بعده، فأين ذلك الأفق الرفيع الذي يعيش فيه صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأين ذلك الخبط والتشويه لعدالة الصحابة؟ ! .
ولو فرضنا أن سيدنا خالد حقًّا قد قال عبارته هذه [هذا عمل الأعيسر بن أم شملة -يعني: عمر بن الخطاب- حسدني أن يكون فتح العراق على يديّ].
نقول: إن صحت نسبة هذه العبارة إلى خالد رضي الله عنه فهو توهم منه أدركه بعد ذلك وتراجع عنه، والدليل على ذلك ما صح عنه حين مرضه الأخير لما عاده أبو الدرداء إذ مال خالد بن الوليد: [قد وجدت عليه في نفسي أمورًا لمّا تدبرتها في مرضي هذا وحضرني من الله حاضر عرفت: أن عمر كان يريد الله بكل ما فعل] أي: أن خالدًا تيقن أخيرًا وأقر بأن عمرًا رضي الله عنه لم يفعل ما فعل إلّا لحكمة لم يدركها خالد يومها وإنما أدركها متأخرًا وأن فعلته كانت في سبيل الله لا حقدًا ولا حسدًا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>