ولا يدخلنَّك عُجب فتخسَر وتُخْذَل؛ وإيّاك أن تُدِلّ بعمل، فإن الله عزّ وجلّ له المنّ، وهو وليّ الجَزاء.
رجع الحديث إلى حديث أبي زيد عن علي بن محمد بإسناده الذي قد مضى ذكره، قال: وأتَى خالدٌ دمشقَ فجمع له صاحِب بصرى، فسار إليه هو وأبو عُبيدة؛ فلقيَهم أدرنجا، فظفِر بهم، وهزمهم؛ فدخلوا حصنَهم؛ وطلبوا الصُّلْح، فصالحهم على كلّ رأس دينار في كلِّ عام وجريب حنطة. ثم رجع العدوُّ للمسلمين، فتوافَتْ جنود المسلمين والرُّوم بأجنادين، فالتقَوْا يوم السبت لليلتين بقِيَتا من جُمادى الأولى سنة ثلاث عشرة؛ فظهر المسلمون، وهزم الله المشركين، وقتل خليفة هِرَقل، واستشهد رجالٌ من المسلمين؛ ثم رجع هِرَقْل للمسلمين، فالتقوْا بالواقوصة فقاتلوهم؛ وقاتلهم العدوّ، وجاءتهم وفاة أبي بكر وهم مصافُّون وولاية أبي عبيدة، وكانت هذه الوقعة في رجب (١). (٣: ٤٠٦/ ٤٠٧ / ٤١٨/ ٤١٩).
٥٦ - كتب إليَّ السريّ عنِ شعيب، عن سيف، عن عمرو بن محمد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن ظَفر بن دهي، ومحمد بن عبد الله عن أبي عثمان، وطلحة عن المغيرة، والمهلَّب بن عقبة عن عبد الرحمن بن سِياه الأحمريّ، قالوا: كان أبو بكر قد وجَّه خالدَ بن سعيد بن العاصي إلى الشام حيث وجَّه خالد بن الوليد إلى العراق، وأوصاه بمثل الَّذي أوصى به خالدًا. وإن خالد بن سعيد سار حتى نزلَ على الشام ولم يقتحم؛ واستجلب النَّاس فعزَّ، فهابته الرُّوم، فأحجموا عنه، فلم يصبر على أمر أبي بكر ولكن تورّدها فاستطردت له الرُّوم، حتى أوردوه الصُّفَّر، ثم تعطَّفُوا عليه بعد ما أمِن؛ فوافقوا ابنَه سعيد بن خالد مستمطِرًا؛ فقتلوه هو ومَن معه، وأتى الخبرُ خالدًا، فخرج هاربًا؛ حتى يأتي البرّ، فينزل منزلًا، واجتمعت الرُّوم إلى اليَرْموك؛ فنزلوا به، وقالوا: والله لنشغلن أبا بكر في نفسه عن تورّد بلادنا بخيوله.
وكتب خالد بن سعيد إلى أبي بكر بالَّذي كان، فكتب أبو بكر إلى عمرو بن العاص - وكان في بلاد قُضاعة - بالسَّير إلى اليرموك، ففعل. وبعث أبا عبيدة بن
(١) سنذكر ما ورد في فتوح الشام بعد الرواية (٣/ ٤١٧ / ٢٤٥).