يديْ خالد فيمن معه من جُنُود العراق، وخرج منها، فوافَى المسلمين بالواقُوصة، فنازلهم بها في تسعة آلاف (١). (٣: ٤١٠/ ٤١١).
٦٠ - كتب إليَّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة والمهلّب، قالوا: ولما رجع خالدٌ من حجِّه وافاه كتاب أبي بكر بالخُروج في شَطْر الناس، وأن يخلّف على الشَّطْر الباقي المثنَّى بن حارثة، وقال: لا تأخذنْ نجدًا إلّا خلَّفت له نجدًا، فإذا فتح الله عليكم فاردُدْهم إلى العراق، وأنت معهم، ثم أنت على عَمَلِك. وأحضر خالدٌ أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستأثر بهم على المثنَّى، وترك للمثنَّى أعدادهم من أهل القناعة ممن لم يكن له صحبة، ثم نظر فيمن بقيَ، فاختلج مَن كان قدِم على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وافدًا أو غير وافد، وترك للمثنَّى أعدادَهم من أهل القناعة، ثم قسَم الجند نصفين، فقال المثنّى: والله لا أقيم إلّا على إنفاذ أمر أبي بكر كلِّه في استصحاب نصف الصحابة أو بعض النصف، وبالله ما أرجو النَّصر إلّا بهم، فأنَّى تُعرِيني منهم! فلما رأى ذلك خالد بعد ما تلكَّأ عليه أعاضه منهم حتى رضيَ، وكان فيمن أعاضه منهم فُرات بن حيَّان العجليّ، وبَشِير بن الخَصَاصِيّة، والحارث بن حسّان الذُّهليَّان، ومعبَد بن أمّ معبد الأسلميّ، وعبد الله بن أبي أوفى الأسلميّ، والحارث بن بِلال المُزنيّ، وعاصم بن عمرو التميميّ؛ حتى إذا رضيَ المثنَّى وأخذ حاجَتَه؛ انجذب خالد فمضَى لوجهه وشيَّعه المثنَى إلى قُراقر، ثم رجع إلى الحيرة في المرحّم، فأقام في سلطانه، ووضع في المسلحة التي كان فيها على السَّيب أخاه، ومكان ضرار بن الخطاب عتبةَ بن النّهاس، ومكان ضرار بن الأزور مسعودًا أخاه الآخر، وسدّ أماكن كل مَن خرج من الأمراء برجالٍ أمثالهم من أهل الغَناء، ووضع مذعور بن عديّ في بعض تلك الأماكن، وأستقام أهل فارس - على رأس سنة من مقدَم خالد الحيرة، بعد خروج خالد بقليل؛ وذلك في سنة ثلاث عشرة - على شَهْرَبَراز بن أردشير بن شهريار ممّن يُناسب إلى كسرى، ثم إلى سابور. فوجَّه إلى المثنَّى جندًا عظيمًا عليهم هُرْمُز جاذوَيه في عشرة آلاف، ومعه فيل، وكتبت المسالح إلى المثنَّى بإقباله، فخرج المثنَّى من الحِيرة نحوه، وضمّ إليه المسالح، وجعل على مجنَّبَتَيه المُعَنَّى ومسعودًا ابنَي حارثة، وأقام له ببابل، وأقبلَ هُرمز جاذويه، وعلى مجنَّبَتيه
(١) سنذكر ما ورد في فتوح الشام بعد الرواية (٣/ ٤١٧ / ٢٤٥).