للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصنع سيفهُ شيئًا، فقال هانئ: إلى الله المَعاد! اللهمّ إلى رحمتك ورضوانِك! ثم ضربه أخرى فقَتلَه.

قال: فبصُر به عبد الرحمن بن الحصين المراديّ بخازِرَ، وهو مع عُبيد الله بن زياد؛ فقال الناس: هذا قاتلُ هانئ بن عُروة؛ فقال ابن الحصين: قتلني الله إنْ لم أقتلْه أو أقتلَ دونَه! فحَمَل عليه بالرُّمح فطعنه فقتَله. ثم إن عُبيد الله بن زياد لما قتل مسلم بن عَقِيل وهانئ بن عُروة دعا بعبد الأعلى الكلبيّ الذي كان أخذه كَثِير بن شهاب في بني فِتْيان، فأتِيَ به، فقال له: أخبرني بأمرك؛ فقال: أصلَحَك الله! خرجتُ لأنظرَ ما يصنع الناس، فأخذني كثير بن شهاب. فقال له: فعليك وعليك، من الأيمان المغلّظة، إن كان أخرجك إلا ما زعمت! فأبَى أن يَحلِف، فقال عُبيد الله: انطلِقوا بهذا إلى جبّانة السَّبيع فاضربوا عنقه بها؛ قال: فانطلِقَ به فضُربت عنقه. قال: وأخرج عمارة بن صلخب الأزديّ -وكان ممن يريد أن يأتي مسلم بن عَقِيل بالنصرة لينصرَه- فأتي به أيضًا عبيد الله فقال له: ممّن أنت؟ قال: من الأزد. قال: انطلقوا به إلى قومه، فضُربتْ عنقُه فيهم، فقال عبد الله بن الزبير الأسديّ في قِتلةِ مُسلمِ بن عَقيل وهانئ بن عُروة المراديّ - ويقال: قاله الفرزدق:

إن كنت لا تدرينَ ما الموتُ فانظري ... إلى هانئ في السُّوقِ وابن عقيل

إلى بطَل قد هشَّمَ السيفُ وجْهَهُ ... وآخر يهْوِي من طَمار قَتِيلِ

أَصابَهما أمْرُ الأَميرِ فأَصبحا ... أَحاديثَ من يَسْرِي بكلِّ سبيل

تريْ جسدًا قد غيَّر الموتُ لوْنَهُ ... ونَضْحَ دمٍ قد سال كلَّ مسِيلِ

فتىً هو أحْيا من فَتاةٍ حَييّة ... وأقطعُ من ذي شَفرتَين صقيل

أيرْكَبُ أَسماءُ الهمالِيج آمَنًا ... وقد طلبتْه مَذْحِجٌ بِذُحول!

تُطِيفُ حواليْه مُرادٌ وكلهُم ... على رِقْبة من سائل ومَسُول

فإنْ أنتمُ لم تَثأَرُوا بأَخيكُمُ ... فكونوا بغايَا أُرْضِيَتْ بقليل

(٥: ٣٧٨ - ٣٨٠) (١).

قال أبو مخنف: عن أبي جناب يحيى بن أبي حيّة الكلبّي، قال: ثم إن


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>