حسن الأفطس بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب والذي وجّهه إلى المدينة محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، فدخلها ولم يقاتله بها أحد، ومضى حسين بن حسن يريد مكة فلمّا قرب منها وقف هُنيهة من فيها. وكان داود بن عيسى لمّا بلغه توجيه أبي السرايا حسين بن حسن إلى مكة لإقامة الحجّ للناس جمع موالي بني العبّاس وعبيد حوائطهم، وكان مسرور الكبير الخادم قد حجّ في تلك السنة في مائتي فارس من أصحابه، فتعبّأ لحرب مَنْ يريد دخول مكة وأخذها من الطالبيّين، فقال لداود بن عيسى: أقم لي شخصَك أو شخص لعض ولدك، وأنا أكفيك قتالَهم، فقال له داود: لا أستحلُّ القتال في الحرم؛ والله لئن دخلوا من هذا الفجّ لأخرجنّ من هذا الفجّ الآخر، فقال له مسرور: تُسَلِّم ملكك وسلطانك إلى عدوّك ومن لا يأخذه فيك لومة لائم في دينك ولا حرمك ولا مالك! قال له داود: أيّ مُلْك لي! والله لقد أقمتُ معهم حتى شيّخْت فما ولّوْني ولاية حتى كبرتْ سني، وفنيَ عمري، فولّوني من الحجاز ما فيه القوت؛ إنما هذا الملك لك وأشباهك، فقاتل إن شئت أو دَعْ فانحاز داود من مكة إلى ناحية المُشاش، وقد شدّ أثقالَه على الإبل، فوجّه بها في طريق العراق، وافتعل كتابًا من المأمون بتولية ابنه محمد بن داود على صلاة الموسم، فقال له: اخرج فصلّ بالناس الظهر والعصر بمنىً، والمغرب والعشاء، وبتْ بمنىً، وصلّ بالناس الصبح، ثم اركب دوابّك فانزل طريق عرَفَة، وخُذْ على يسارك في شعب عمرو؛ حتى تأخذ طريق المشاش، حتى تلحقني ببستان ابن عامر. ففعل ذلك، وافترق الجمع الذي كان داود بن عيسى معهم بمكَّة من موالي بني العباس وعبيد الحوائط، وفتّ ذلك في عضد مسرور الخادم، وخشي إن قاتلهم أن يميل أكثر الناس معهم، فخرج في أثر داود راجعًا إلى العراق، وبقي الناس بعرفة؛ فلمّا زالت الشمس وحضرت الصّلاة، تدافعها قوم من أهل مكة، فقال أحمد بن محمد بن الوليد الردميّ - وهو المؤذن وقاضي الجماعة والإمام بأهل المسجد الحرام: إذ لم تحضر الولاة - لقاضي مكة محمد بن عبد الرحمن المخزوميّ: تقدم فاخطب بالناس، وصلّ بهم الصلاتين؛ فإنك قاضي البلد. قال: فلمن أخطبُ وقد هرب الإمام؛ وأطلّ هؤلاء القوم على الدخول! قال: لا تدْعُ لأحد، قال له محمد: بل أنت فتقدّمْ واخطب، وصلّ بالناس، فأبى؛ حتى قدّموا رجلا من عُرْض أهل مكة، فصلى بالناس الظهر