القاسم بن محمد، قال: وأقبل جارية بن قُدامة السّعديّ، فقال: يا أمّ المؤمنين! والله لَقتلُ عثمان بن عفان أهونُ من خُروجكِ من بيتكِ على هذا الجَمل الملعون عُرْضةً للسلاح! إنه قد كان لك من الله سِتْر وحرمة، فهتكْتِ سِترك، وأبحتِ حُرْمتَك، إنه مَن رأى قتالك فإنه يرى قَتْلَكِ، وإن كنتِ أتَيْتِنا طائعة فارجعي إلى منزلك، وإن كنت أتيتِنا مستكرهةً فاستعيني بالناس، قال: فخرج غلام شابٌّ من بني سعد إلى طلحة، والزّبير، فقال: أمّا أنت يا زُبير؛ فحواريُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمّا أنت يا طلحة؛ فوقَيْت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدك، وأرى أمَّكما معكما فهل جئتما بنسائكما؟ قالا: لا، قال: فما أنا منكما في شيء، واعتزل. وقال السعديّ في ذلك:
صُنْتمْ حلائلَكُمْ وقُدْتُمْ أمّكُمْ ... هذا لَعَمرُك قِلَّةُ الإنْصافِ
أمِرَتْ بجِرِّ ذيولها في بيتها ... فهَوتْ تشُقُّ البيدَ بالإيجاف
هُتكَتْ بطلْحَةَ والزُّبَيْرِ سُتورُها ... هذا المُخَبرُ عنْهمُ والكافي
وأقبل غلامٌ من جُهينة على محمد بن طلحة -وكان محمد رجلًا عابدًا- فقال: أخبِرْني عن قَتَلة عثمان! فقال: نعم، دمُ عثمان ثلاثة أثلاث، ثلثٌ على صاحبة الهوْدَج -يعني: عائشة- وثلثٌ على صاحب الجمل الأحمر -يعني: طلحة- وثلثٌ على عليّ بن أبي طالب؛ وضحك الغلام؛ وقال: ألا أراني على ضلال! ولحق بعليّ، وقال في ذلك شعرًا: