للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذُكر أنّ منجِّمَه أتاه فقال: أصلح الله الأمير! لو انتظرت بمسيرك صلاح القمَر، فإنَّ النحوس عليه عالية، والسعود عنه ساقطة منصرفة! فقال لغلام له: يا سعيد، قل لصاحب المقدّمة يضرب بطبله ويقدّم علَمه، فإنا لا ندري ما فساد القمر من صلاحه، غير أنه مَنْ نازلنا نازلناه، ومن وادَعنا وادَعناه وكَفَفنْا عنه، ومَنْ حاربنا وقاتلنا لم يكن لنا إلّا إرْواء السيف من دمه. إنا لا نعتدّ بفساد القمر، فإنا وطَّنّا أنفسنا على صِدْق اللقاء ومناجزة الأعداء (١).

قال أبو جعفر: وذكر بعضهم أنه قال: كنتُ فيمن خرج في عسكر عليّ بن عيسى بن هامان، فلما جاز حُلوان لقَيتْه القوافل من خُراسان، فكان يسألها عن الأخبار، يستطلع عِلْم أهل خُراسان، فيقال له: إنَّ طاهرًا مقيم بالرّيّ يعرض أصحابه، ويرمّ آلته، فيضحك ثم يقول: وما طاهر! فوالله ما هو إلا شوْكة من أغصاني، أو شرارة من ناري، وما مِثْل طاهر يتولّى على الجيوش، ويلقَى الحروب، ثم التفت إلى أصحابه فقال: والله ما بينكم وبين أن ينقصِف انقصاف الشّجر من الريح العاصف، إلّا أن يبلغه عبورنا عَقَبة هَمَذان، فإنّ السّخال لا تقوى على النطاح، والثعالب لا صبر لها على لقاء الأسْد، فإن يُقمْ طاهر بموضعه يكنْ أول معرَّض لظباة السيوف وأسنّة الرماح (٢).

وذكر يزيد بن الحارث أن عليّ بن عيسى لما صار إلى عَقَبة همَذان استقبل قافلة قدمتْ من خُراسان، فسألهم عن الخبر، فقالوا: إن طاهرًا مقيم بالريّ، وقد استعدّ للقتال، واتَّخذ آلة الحرب، وإن المدد يترى عليه من خُراسان وما يليها من الكُور، وإنه في كلّ يوم يعظم أمرُه، ويكثر أصحابه، وإنهم يروْن أنه صاحب جيش خراسان. قال عليّ: فهل شخص من أهل خراسان أحدُ يعتدّ به؟ قالوا: لا، غير أن الأمور بها مضطربة، والناس رَعِبون، فأمر بطيّ المنازل


(١) هذا خبر غير صحيح ولم يكن للخلفاء يومها منجمون قريبو عهد بالقرن الأول والمجتمع يعجّ بالعلماء وبعض الخلفاء هم من العلماء.
أو رواة الحديث كالمنصور والمهدي والمأمون، والطبري ذكر الخبر مسبوقًا بعبارة (وذُكر أن) أي بالبناء للمجهول وفي الخبر ما يكذبه فكيف يتّخذُ منجمًا ولا يصدقه؟ والخبر لا يصح والله أعلم.
(٢) انظر تعليقنا (٨/ ٤١١/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>